الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ٢ - الصفحة ١٥٦
اختصارا واقتصارا ويريدون بالاختصار الحذف لدليل ويريدون بالاقتصار الحذف لغير دليل ويمثلونه بنحو * (كلوا واشربوا) * أي أوقعوا هذين الفعلين والتحقيق أن يقال يعني كما قال أهل البيان تارة يتعلق الغرض بالإعلام بمجرد وقوع الفعل من غير تعيين من أوقعه ومن أوقع عليه فيجاء بمصدره مسندا إلى فعل كون عام فيقال حصل حريق أو نهب وتارة يتعلق بالإعلام بمجرد إيقاع الفعل للفاعل فيقتصر عليهما ولا يذكر المفعول ولا ينوى إذ المنوى كالثابت ولا يسمى محذوفا لأن الفعل ينزل لهذا القصد منزلة ما لا مفعول له ومنه * (ربي الذي يحيي ويميت) * * (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) * * (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) * * (وإذا رأيت ثم) * إذ المعنى ربي الذي يفعل الإحياء والإماتة وهل يستوي من يتصف بالعلم ومن ينتفي عنه العلم وأوقعوا الأكل والشرب وذروا الإسراف وإذا حصلت منك رؤية 4559 ومنه * (ولما ورد ماء مدين) * الآية ألا ترى أنه عليه الصلاة والسلام رحمهما إذ كانتا على صفة الذياد وقومهما على السقي لا لكون مذودهما غنما وسقيهم إبلا وكذلك المقصود من (لا نسقى) السقي لا المسقي ومن لم يتأمل قدر (يسقون إبلهم) و (تذودان غنمهما) و (لا نسقي غنما) وتارة يقصد إسناد الفعل إلى فاعله وتعليقه بمفعوله فيذكران نحو * (لا تأكلوا الربا) * * (ولا تقربوا الزنى) * وهذا النوع الذي إذا لم يذكر محذوفه قيل محذوف 4560 وقد يكون في اللفظ ما يستدعيه فيحصل الجزم بوجوب تقديره نحو * (أهذا الذي بعث الله رسولا) * * (وكلا وعد الله الحسنى) * 4561 وقد يشتبه الحال في الحذف وعدمه نحو * (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن) * قد يتوهم أن معناه (نادوا) فلا حذف أو (سموا) فالحذف واقع
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»