الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ١ - الصفحة ٤٢٥
النوع الأربعون في معرفة معاني الأدوات التي يحتاج إليها المفسر 2927 وأعني بالأدوات الحروف وما شاكلها من الأسماء والأفعال والظروف 2928 اعلم أن معرفة ذلك من المهمات المطلوبة لاختلاف مواقعها ولهذا يختلف الكلام والاستنباط بحسبها كما في قوله تعالى * (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) * فاستعملت على في جانب الحق وفي في جانب الضلال لأن صاحب الحق كأنه مستعل يصرف نظره كيف شاء وصاحب البطل كأنه منغمس في ظلام منخفض لا يدري أين يتوجه 2929 وقوله تعالى * (فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف) * عطف على الجمل الأول بالفاء والأخيرة بالواو لما انقطع نظام الترتب لأن التلطف غير مرتب على الإتيان بالطعام كما كان الإتيان به مترتبا على النظر فيه والنظر فيه مترتبا على التوجه في طلبه والتوجه في طلبه مترتبا على قطع الجدال في المسألة عن مدة اللبث وتسليم العلم له تعالى 2930 وقوله تعالى * (إنما الصدقات للفقراء) * الآية عدل عن اللام إلى في في الأربعة الأخيرة إيذانا إلى أنهم أكثر استحقاقا للمتصدق عليهم بمن سبق ذكره باللام لأن في للوعاء فنبه باستعمالها على أنهم أحقاء بأن يجعلوا مظنة لوضع الصدقات فيهم كما يوضع الشيء في وعائه مستقرا فيه 2931 وقال الفارسي إنما قال * (وفي الرقاب) * ولم يقل وللرقاب ليدل على أن العبد لا يملك
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»