الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ١ - الصفحة ١٢٠
جبريل بالرسالة ثم الوحي كأنه أراد تعالى أن يسلم هذه الرحمة التي كانت حظ هذه الأمة من الله إلى الأمة 510 وقال السخاوي في جمال القراء في نزوله إلى السماء جملة تكريم بني آدم وتعظيم شأنهم عند الملائكة وتعريفهم عناية الله بهم ورحمته لهم ولهذا المعنى أمر سبعين ألفا من الملائكة أن تشيع سورة الأنعام وزاد سبحانه في هذا المعنى بأن أمر جبريل بإملائه على السفرة الكرام وإنساخهم إياه وتلاوتهم له قال وفيه أيضا التسوية بين نبينا صلى الله عليه وسلم وبين موسى عليه السلام في إنزاله كتابه جملة والتفضيل لمحمد في إنزاله عليه منجما ليحفظه 511 قال أبو شامة فإن قلت فقوله تعالى * (إنا أنزلناه في ليلة القدر) * من جملة القرآن الذي نزل جملة أم لا فإن لم يكن منه فما نزل جملة وإن كان منه فما وجه صحة هذه العبارة 512 قلت له وجهان أحدهما أن يكون معنى الكلام إنا حكمنا بإنزاله في ليلة القدر وقضيناه وقدرناه في الأزل والثاني أن لفظه لفظ الماضي ومعناه الاستقبال أي ينزله جملة في ليلة القدر انتهى الثاني قال أبو شامة أيضا الظاهر أن نزوله جملة إلى السماء الدنيا قبل ظهور نبوته صلى الله عليه وسلم قال ويحتمل أن يكون بعدها قلت الظاهر هو الثاني وسياق الآثار السابقة عن ابن عباس صريح فيه 513 وقال ابن حجر في شرح البخاري قد أخرج أحمد والبيهقي في الشعب عن واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنزلت التوراة لست مضين من رمضان والإنجيل لثلاث عشرة خلت منه والزبور لثمان عشرة خلت منه والقرآن لأربع وعشرين خلت منه وفي رواية وصحف إبراهيم لأول ليلة قال وهذا الحديث مطابق لقوله تعالى * (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) * ولقوله * (إنا أنزلناه في ليلة القدر) * فيحتمل أن يكون ليلة القدر في تلك السنة كانت الليلة فأنزل فيها جملة إلى سماء الدنيا ثم أنزل في اليوم الرابع والعشرين إلى الأرض أول * (اقرأ باسم ربك) * 514 قلت لكن يشكل على هذا ما اشتهر من أنه صلى الله عليه وسلم بعث في شهر ربيع ويجاب عن هذا بما ذكروه أنه نبئ أولا بالرؤيا في شهر مولده ثم كانت مدتها ستة
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»