الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ١ - الصفحة ١٢١
أشهر ثم أوحي إليه في اليقظة ذكره البيهقي وغيره 515 نعم يشكل على الحديث السابق ما أخرجه ابن أبي شيبة في فضائل القرآن عن أبي قلابة قال أنزلت الكتب كاملة ليلة أربع وعشرين من رمضان 516 الثالث قال أبو شامة أيضا فإن قيل ما السر في نزوله منجما وهلا نزل كسائر الكتب جملة قلنا هذا سؤال قد تولى الله جوابه فقال تعالى * (وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة) * يعنون كما أنزل على من قبله من الرسل فأجابهم تعالى بقوله * (كذلك) * أي أنزلناه كذلك مفرقا * (لنثبت به فؤادك) * أي لنقوي به قلبك فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى بالقلب وأشد عناية بالمرسل إليه ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك إليه وتجدد العهد به وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة لقائه جبريل وقيل معنى * (لنثبت به فؤادك) * أي لنحفظه فإنه عليه السلام كان أميا لا يقرأ ولا يكتب ففرق عليه ليثبت عنده حفظه بخلاف غيره من الأنبياء فإنه كان كاتبا قارئا فيمكنه حفظ الجميع 517 وقال ابن فورك قيل أنزلت التوراة جملة لأنها نزلت على نبي يكتب ويقرأ وهو موسى وأنزل الله القرآن مفرقا لأنه أنزل غير مكتوب على نبي أمي 518 وقال غيره إنما لم ينزل جملة واحدة لأن منه الناسخ والمنسوخ ولا يتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا ومنه ما هو جواب لسؤال وما هو إنكار على قول قيل أو فعل فعل وقد تقدم ذلك في قول ابن عباس ونزله جبريل بجواب كلام العباد وأعمالهم وفسر به قوله * (ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق) * أخرجه عنه ابن أبي حاتم فالحاصل أن الآية تضمنت حكمتين لإنزاله مفرقا تذنيب 519 ما تقدم في كلام هؤلاء من أن سائر الكتب أنزلت جملة هو مشهور
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»