الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ١ - الصفحة ١٢٣
أعطي موسى التوراة في سبعة ألواح من زبرجد فيها تبيان لكل شيء وموعظة فلما جاء بها فرأى بني إسرائيل عكوفا على عبادة العجل رمى بالتوراة من يده فتحطمت فرفع الله منها ستة أسباع وبقي منها سبع 524 وأخرج من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده رفعه قال الألواح التي أنزلت على موسى كانت من سدر الجنة كان طول اللوح اثني عشر ذراعا 525 وأخرج النسائي وغيره عن ابن عباس في حديث الفتون قال أخذ موسى الألواح بعدما سكت عنه الغضب فأمرهم بالذي أمر الله أن يبلغهم من الوظائف فثقلت عليهم وأبوا أن يقروا بها حتى نتق الله عليهم الجبل كأنه ظلة ودنا منهم حتى خافوا أن يقع عليهم فأقروا بها 526 وأخرج ابن أبي حاتم عن ثابت بن الحجاج قال جاءتهم التوراة جملة واحدة فكبر عليهم فأبوا أن يأخذوها حتى ظلل الله عليهم الجبل فأخذوها عند ذلك 527 فهذه آثار صحيحة صريحة في إنزال التوراة جملة ويؤخذ من الأثر الأخير منها حكمة أخرى لإنزال القرآن مفرقا فإنه أدعى إلى قبوله إذا نزل على التدريج بخلاف ما لو نزل جملة واحدة فإنه كان ينفر من قبوله كثير من الناس لكثرة ما فيه من الفرائض والمناهي 528 ويوضح ذلك ما أخرجه البخاري عن عائشة قالت إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا ثم رأيت هذه الحكمة مصرحا بها في الناسخ والمنسوخ لمكي فرع 529 الذي استقرئ من الأحاديث الصحيحة وغيرها أن القرآن كان ينزل بحسب الحاجة خمس آيات وعشرا وأكثر وأقل وقد صح نزول العشر آيات في قصة الإفك جملة وصح نزول عشر آيات من أول المؤمنون جملة وصح نزول * (غير) *
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»