السماء هو بالمطر; ومن الأرض بالنبات; هذا هو مشهور ما يحسه البشر، وكم لله بعد من لطف خفى. ثم أمر تعالى نبيه - عليه السلام - أن يوقفهم على أن الغيب مما انفرد الله بعلمه; ولذلك سمى غيبا لغيبه عن المخلوقين. روي: أن هذه الآية من قوله: * (قل لا يعلم) * إنما نزلت لأجل سؤال الكفار عن الساعة الموعود بها، فجاء بلفظ يعم الساعة وغيرها، وأخبر عن البشر أنهم لا يشعرون أيان يبعثون.
* ص *: * (أيان) * اسم استفهام بمعنى: متى، وهي معمولة ل * (يبعثون) *، والجملة في موضع نصب ب * (يشعرون) *، انتهى.
وقرأ جمهور القراء: * (بل ادارك) * أصله: تدارك. وقرأ عاصم في رواية أبي بكر:
" بل أدرك " على وزن افتعل، وهي بمعنى: تفاعل.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: " بل أدرك " وهذه القراءات تحتمل معنيين: أحدهما: أدرك علمهم، أي: تناهى، كما تقول أدرك النبات، والمعنى: قد تناهى علمهم بالآخرة إلى أن لا يعرفوا لها مقدارا، فيؤمنوا لأنه وإنما لهم ظنون كاذبة، أو إلى أن لا يعرفوا لها وقتا، والمعنى الثاني: بل أدرك بمعنى: أي أنهم في الآخرة يدرك علمهم وقت القيامة، ويرون العذاب والحقائق التي كذبوا بها، وأما في الدنيا; فلا، وهذا هو تأويل ابن عباس، ونحا إليه الزجاج، فقوله: * (في الآخرة) * على هذا التأويل: ظرف; وعلى التأويل الأول:
* (في) * بمعنى الباء. ثم وصفهم عز وجل بأنهم في شك منها، ثم أردف بصفة هي أبلغ من الشك وهي العمى بالجملة عن أمر الآخرة، و * (عمون) *: أصله: (عميون) فعلون كحذرون.