الأمور; وهو من: خبأت الشئ، واللفظة تعم كل ما خفي من الأمور; وبه فسر ابن عباس، وقرأ الجمهور: " يخفون ويلعنون " بياء الغائب; وهذه القراءة تعطي أن الآية من كلام الهدهد. وقرأ الكسائي وحفص عن عاصم " تخفون وتعلنون " بتاء الخطاب; وهذه القراءة تعطي أن الآية من خطاب الله تعالى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله: * (فألقه إليهم ثم تول عنهم) *، قال وهب بن منبه: أمره بالتولي حسن أدب ليتنحى حسب ما يتأدب به مع الملوك، بمعنى: وكن قريبا حتى ترى مراجعاتهم، وليكل الأمر، إلى حكم ما في الكتاب دون أن تكون للرسول ملازمة ولا إلحاح. وروى وهب بن منبه في قصص هذه الآية: أن الهدهد وصل; فوجد دون هذه الملكة حجب جدرات، فعمد إلى كوة كانت بلقيس صنعتها، لتدخل منها الشمس عند طلوعها; لمعنى عبادتها إياها; فدخل منها ورمى بالكتاب إليها; فقرأته وجمعت أهل ملكها; فخاطبتهم بما يأتي بعد. * (قالت يا أيها الملأ) * تعنى: الأشراف: * (إني ألقي إلى كتاب كريم) * وصفت الكتاب بالكريم إما لأنه من عند عظيم، أو لأنه بدئ باسم كريم. ثم أخذت تصف لهم ما في الكتاب، ثم أخذت في حسن الأدب مع رجالها ومشاورتهم في أمرها; فراجعها قومها بما يقر عينها من إعلامهم إياها بالقوة، والبأس. ثم سلموا الأمر إلى نظرها; وهذه محاورة حسنة من الجميع. وفي قراءة عبد الله: " ما كنت قاضية أمرا " بالضاد من القضاء، ثم أخبرت بلقيس بفعل الملوك بالقرى التي يتغلبون عليها، وفي كلامها خوف على قومها وحيطة لهم، قال الداودي، وعن ابن عباس: رضي الله عنه * (إذا دخلوا قرية أفسدوها) * قال: إذا أخذوها عنوة، أخربوها، انتهى.
وقوله: * (وكذلك يفعلون) * قالت فرقة: هو من قول بلقيس، وقال ابن عباس: هو