تعالى: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا) الآية: المعنى قل لهؤلاء الكفرة، على جهة التوبيخ: هل نخبركم بالذين خسر عملهم، وضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم مع ذلك يظنون أنهم يحسنون فيما يصنعوه، فإذا طلبوا ذلك، فقل لهم: (أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه)، وعن سعد بن أبي وقاص في معنى قوله تعالى: (وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) قال: هم عباد اليهود والنصارى، وأهل الصوامع والديارات وعن علي:
هم الخوارج، ويضعف هذا كله قوله تعالى بعد ذلك: (أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه)، وليس هذه الطوائف ممن يكفر بالله ولقائه، وإنما هذه صفة مشركي عبدة الأوثان، وعلي وسعد رضي الله عنهما، ذكرا قوما أخذوا بحظهم من صدر الآية.
وقوله سبحانه: (فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) يريد أنهم لا حسنة لهم توزن، لأن أعمالهم قد حبطت، أي: بطلت، ويحتمل المجاز والاستعارة، كأنه قال: فلا قدر لهم عندنا يومئذ، وهذا معنى الآية عندي، وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يؤتي بالأكول الشروب الطويل فلا يزن جناح بعوضة ثم قرأ: (فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) " وقوله:
(ذلك) إشارة إلى ترك إقامة الوزن.
وقوله سبحانه: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس):
اختلف المفسرون في " الفردوس " فقال قتادة: إنه أعلى الجنة وربوتها، وقال أبو هريرة:
إنه جبل تتفجر منه أنهار الجنة، وقال أبو أمامة: إنه سرة الجنة ووسطها، وروى أبو سعيد الخدري، أنه تتفجر منه أنهار الجنة، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ".