والسيرة الحميدة، والحزم المستيقظ، والتأييد المتواصل، وتقوى الله عز وجل، فما لقي أمة، ولأمر بمدينة إلا ذلت ودخلت في طاعته، وكل من / عارضه أو توقف عن أمره، جعله عظة وآية لغيره، وله في هذا المعنى أخبار كثيرة وغرائب، محل ذكرها كتب التاريخ.
وقوله: (وجدها تطلع على قوم) المراد ب " القوم " الزنج، قاله قتادة، وهم الهنود وما وراءهم، وقال الناس في قوله سبحانه: (لم نجعل لهم من دونها سترا) معناه: أنهم ليس لهم بنيان، إذ لا تحتمل أرضهم البناء وإنما يدخلون من حر الشمس في أسراب، وقيل: يدخلون في ماء البحر، قاله الحسن وغيره، وأكثر المفسرون في هذا المعنى، والظاهر من اللفظ أنها عبارة بليغة عن قرب الشمس منهم، ولو كان لهم أسراب تغنى لكان سترا كثيفا.
وقوله: (كذلك) معناه: فعل معهم كفعله مع الأوليين أهل المغرب، فأوجز بقوله:
(كذلك) وقوله: (حتى إذا بلغ بين السدين...) الآية: " السدان "، فيما ذكر أهل التفسير:
جبلان سدا مسالك تلك الناحية، وبين طرفي الجبلين فتح هو موضع الردم، وهذان الجبلان في طرف الأرض مما يلي المشرق، ويظهر من ألفاظ التواريخ، أنهما إلى ناحية الشمال.
وقوله تعالى: (ووجد عندها قوما): قال السهيلي: هم أهل جابلص، ويقال لها بالسريانية " جرجيسا " يسكنها قوم من نسل ثمود بقيتهم الذين آمنوا بصالح.
وقوله تعالى: (وجدها تطلع على قوم) هم: أهل جابلق، وهم من نسل مؤمني قوم عاد الذين آمنوا بهود، ويقال لها بالسريانية: " مرقيسيا " ولكل واحدة من المدينتين عشرة آلاف باب، بين كل بابين فرسخ، ومر بهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، فدعاهم، فأجابوه، وآمنوا به، ودعا من ورائهم من الأمم، فلم يجيبوه في حديث طويل رواه الطبري عن مقاتل بن حيان، عن عكرمة عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم. انتهى،