تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٢٦٣
غضب من موسى على القبط، ودعاء عليهم، لما عتوا وعاندوا، وقدم للدعاء تقرير نعم الله عليهم وكفرهم بها، و (آتيت) معناه: أعطيت، واللام في (ليضلوا) لام كي، ويحتمل أن تكون لام الصيرورة والعاقبة، المعنى: آتيتهم ذلك، فصار أمرهم إلى كذا، وقرأ حمزة وغيره: " ليضلوا " (بضم الياء)، على معنى: ليضلوا غيرهم.
وقوله: (ربنا اطمس على أموالهم): هو من طموس الأثر والعين، وطمس الوجوه منه، وتكرير قوله: (ربنا) استغاثة، كما يقول الداعي: يا الله، يا الله، روي أنهم حين دعا موسى بهذه الدعوة، رجع سكرهم حجارة، ودراهمهم ودنانيرهم وحبوب أطعمتهم، رجعت حجارة، قاله قتادة وغيره، وقال مجاهد وغيره: معناه: أهلكها ودمرها.
وقوله: (واشدد على قلوبهم): بمعنى: اطبع واختم عليهم بالكفر، قاله مجاهد والضحاك.
وقوله: (فلا يؤمنوا): مذهب الأخفش وغيره: أن الفعل منصوب، عطفا على قوله: (ليضلوا)، وقيل: منصوب في جواب الأمر، وقال الفراء والكسائي: هو مجزوم على الدعاء، وجعل رؤية العذاب نهاية وغاية، وذلك لعلمه من الله أن المؤمن عند رؤية العذاب لا ينفعه إيمانه في ذلك الوقت، ولا يخرجه من كفره، ثم أجاب الله دعوتهما، قال ابن عباس: العذاب هنا: الغرق، وروي أن هارون كان يؤمن على دعاء موسى، فلذلك نسب الدعوة إليهما، قاله محمد بن كعب القرظي، قال البخاري: (وعدوا): من العدوان. انتهى.
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة