وقوله سبحانه: (كيف وإن يظهروا عليكم...) الآية: في الكلام حذف، تقديره:
كيف يكون لهم عهد ونحوه، وفي " كيف " هنا تأكيد للاستبعاد الذي في الأولى، و (لا يرقبوا) معناه: لا يراعوا، ولا يحفظوا، وقرأ الجمهور: " إلا "، وهو الله عز وجل، قاله مجاهد، وأبو مجلز، وهو اسمه بالسريانية، وعرب، ويجوز أن يراد به العهد، والعرب تقول للعهد والحلف والجوار ونحو هذه المعاني: " إلا "، والذمة أيضا: بمعنى الحلف والجوار ونحوه.
وقوله سبحانه: (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم...) الآية، ويليق هنا ذكر شئ من حكم طعن الذمي في الدين، والمشهور من مذهب مالك: أنه إذا فعل شيئا من ذلك، مثل تكذيب الشريعة، وسب النبي صلى الله عليه وسلم قتل.
وقوله سبحانه: (فقاتلوا أئمة الكفر)، أي: رؤوسهم وأعيانهم الذين يقودون الناس إليه، وأصوب ما يقال في هذه الآية: أنه لا يعنى بها معين وإنما وقع الأمر بقتال أئمة الناكثين للعهود من الكفرة إلى يوم القيامة، واقتضت حال كفار العرب ومحاربي النبي صلى الله عليه وسلم، أن تكون الإشارة إليهم أولا، ثم كل من دفع في صدر الشريعة إلى يوم القيامة فهو بمنزلتهم.
وقرأ الجمهور: " لا أيمان لهم " (جمع يمين)، أي: لا إيمان لهم يوفى بها وتبر، وهذا المعنى يشبه الآية، وقرأ ابن عامر وحده من السبعة: " لا إيمان لهم "، وهذا يحتمل وجهين: