وقال بعض الناس: يؤخذ من هذه الألفاظ أن الملائكة أفضل من البشر، وهي مسألة اختلف الناس فيها، وتمسك كل فريق بظواهر من الشريعة، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء.
و (قاسمهما) أي: حلف لهما بالله، وهي مفاعلة، إذ قبول المحلوف له اليمين كالقسم.
(فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين (22) قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين (23) قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين (24) قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون (25)) وقوله عز وجل: (فدلاهما بغرور) قال: * ع *: يشبه عندي أن تكون هذه استعارة من الرجل يدلي آخر من هوة بحبل قد أرم أو سبب ضعيف يغتر به، فإذا تدلى به، وتورك عليه، انقطع به، وهلك، فيشبه الذي يغر بالكلام حتى يصدقه، فيقع في مصيبة بالذي يدلي من هوة بسبب ضعيف.
وقوله سبحانه: (بدت) قيل: تمزقت عنهما ثياب الجنة وملابسها، وتطايرت تبريا منهما، و (يخصفان) معناه: يلصقانها، والمخصف الإشفى وضم الورق بعضه إلى بعض أشبه بالخرز منه بالخياطة.
قال البخاري: يخصفان يؤلفان الورق بعضه إلى بعض / انتهى. وهو معنى ما تقدم.
وروى أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن آدم عليه السلام كان يمشي في الجنة كأنه النخلة السحوق فلما أكل من الشجرة وبدت له حاله فر على وجهه، فأخذت شجرة بشعر رأسه، فقال لها: " أرسليني " فقالت: ما أنا بمرسلتك، فناداه ربه جل وعلا أمني تفر يا آدم فقال: لا يا رب، ولكن أستحييك، فقال: أما كان لك فيما منحتك من الجنة مندوحة عما حرمت عليك. قال: بلى يا رب، ولكن وعزتك ما ظننت أن أحدا يحلف بك كاذبا، قال: