تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ١٣
تجد أكثرهم شاكرين * قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين) مقصد الآية أن إبليس أخبر عن نفسه أنه يأتي إضلال بني آدم من كل جهة، فعبر عن ذلك بألفاظ تقتضي الإحاطة بهم، وفي اللفظ تجوز، وهذا قول جماعة من المفسرين.
قال الفخر: وقوله: (لأقعدن لهم صراطك المستقيم) أي: على صراطك. أجمع النحاة على تقدير " على " في هذا الموضع. انتهى.
وقوله: (ولا تجد أكثرهم شاكرين) أخبر اللعين أن سعايته تفعل ذلك ظنا منه، وتوسما في خلقة آدم حين رأى خلقته من أشياء مختلفة، فعلم أنه ستكون لهم شيم تقتضي طاعته، كالغل، والحسد، والشهوات، ونحو ذلك.
قال ابن عباس، وقتادة: إلا أن إبليس لم يقل: إنه يأتي بني آدم من فوقهم، ولا جعل الله له سبيلا إلى أن يحول بينهم وبين رحمة الله وعفوه ومنه، وما ظنه إبليس صدقه الله عز وجل.
ومنه قوله سبحانه: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين) [سبأ: 20] فجعل أكثر العالم كفرة، ويبينه قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح: " يقول الله عز وجل: يا آدم أخرج بعث النار، فيقول: يا رب وما بعث النار، فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار، وواحد إلى الجنة ".
ونحوه مما يخص أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: " ما أنتم في الأمم إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود " و (شاكرين) معناه: مؤمنين، لأن ابن آدم لا يشكر نعمة الله إلا بأن يؤمن. قاله ابن عباس وغيره.
وقوله سبحانه: (اخرج منها) أي: من الجنة (مذءوما) أي معيبا (مدحورا)، أي:
مقصيا مبعدا.
(لمن تبعك) بفتح اللام هي لام قسم.
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة