وقوله عز وجل: (فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما) الوسوسة الحديث في إخفاء همسا وأسرارا من الصوت، والوسواس صوت الحلي، فشبه الهمس به، وسمي إلقاء الشيطان في نفس ابن آدم وسوسة، إذ هي أبلغ الإسرار وأخفاه.
هذا في حال الشيطان معنا الآن، وأما مع آدم، فممكن أن تكون وسوسة بمحاورة خفية، أو بإلقاء في نفس، واللام في " ليبدي " هي في قول الأكثرين لام الصيرورة والعاقبة، ويمكن أن تكون لام " كي " على بابها.
وما (ووري) معناه ما ستر من قولك: وارى يواري إذا ستر، والسوأة الفرج والدبر، ويشبه أن يسمى بذلك، لأن منظره يسوء.
وقالت طائفة: إن هذه العبارة إنما قصد بها أنها كشفت لهما معائبهما، وما يسوءهما، ولم يقصد بها العورة، وهذا القول محتمل، إلا أن ذكر خصف الورق يرده إلا أن يقدر الضمير في (عليهما) عائد على بدنيهما فيصح.
وقوله سبحانه: (وقال ما نهاكما...) الآية، هذا القول المحكي عن إبليس يدخله من التأويل ما دخل الوسوسة، فممكن أن يقول هذا مخاطبة وحوارا، وممكن أن يقولها إلقاء في النفس، ووحيا.
و (إلا أن) تقديره عند سيبويه والبصريين: إلا كراهية أن، وتقديره عند الكوفيين:
" إلا أن لا " على إضمار " لا "، ويرجح قول البصريين أن إضمار الأسماء أحسن من إضمار الحروف.
وقرأ جمهور الناس " ملكين " بفتح اللام.
وقرأ ابن عباس: " ملكين " بكسرها، ويؤيده قوله: (وملك لا يبلي) [طه: 120]