وقوله سبحانه: (وما كان صلاتهم عند / البيت إلا مكاء وتصدية) المكاء: الصفير، قاله ابن عباس والجمهور، والتصدية: عبر عنها أكثر الناس، بأنها التصفيق، وذهب أكثر المفسرين إلى أن المكاء والتصدية إنما أحدثهما الكفار عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، لتقطع عليه وعلى المؤمنين قراءتهم وصلاتهم، وتخلط عليهم، فلما نفى الله تعالى ولايتهم للبيت، أمكن أن يعترض منهم معترض بأن يقول: وكيف لا نكون أولياءه، ونحن نسكنه، ونصلي عنده، فقطع سبحانه هذا الاعتراض بأن قال: وما كان صلاتهم عند البيت إلا المكاء والتصدية.
قال * ع *: والذي مربى من أمر العرب في غير ما ديوان، أن المكاء والتصدية كانا من فعل العرب قديما قبل الإسلام على جهة التقرب به والتشرع، وعلى هذا يستقيم تغييرهم وتنقصهم بأن شرعهم وصلاتهم لم تكن رهبة ولا رغبة، وإنما كانت مكاء وتصدية من نوع اللعب، ولكنهم كانوا يتزيدون فيهما وقت النبي صلى الله عليه وسلم ليشغلوه هو وأمته عن القراءة والصلاة.
وقوله سبحانه: (فذوقوا العذاب...) الآية: إشارة إلى عذابهم ببدر بالسيف، قاله الحسن وغيره، فيلزم أن هذه الآية الآخرة نزلت بعد بدر، ولا بد.
قال * ع *: والأشبه أن الكل نزل بعد بدر، حكاية عما مضى.
وقوله سبحانه: (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله...) الآية:
لما قتل من قتل ببدر، اجتمع أبناؤهم وقراباتهم، فقالوا لمن خلص ماله في العير: إن محمدا قد نال منا ما ترون، ولكن أعينونا بهذا المال الذي كان سبب الوقعة، فلعلنا أن ننال منه ثأرا، يريدون نفقته في غزوة أحد.
وقوله سبحانه: (فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون)، الحسرة: التلهف