قال ابن العربي: قوله: (جهد أيمانهم)، يعني: غاية أيمانهم التي بلغها علمهم، وانتهت إليها قدرتهم. انتهى من " الأحكام ".
ثم قال تعالى: قل لهم، يا محمد، على جهة الرد والتخطئة: إنما الآيات عند الله وليست عندي، فتقترح علي، ثم قال: (وما يشعركم)، قال مجاهد: وابن زيد:
المخاطب بهذا الكفار، وقال الفراء وغيره: المخاطب بهذا المؤمنون، (وما يشعركم):
معناه: وما يعلمكم وما يدريكم، وقرأ ابن كثير وغيره: " إنها " - بكسر الألف -، على القطع، واستئناف الأخبار، فمن قرأ " تؤمنون " - بالتاء -، وهي قراءة ابن عامر وحمزة، استقامت له المخاطبة، أولا وآخرا، للكفار، ومن قرأ بالياء، وهي قراءة نافع. وغيره، فيحتمل أن يخاطب، أولا وآخرا، المؤمنين، ويحتمل أن يخاطب بقوله: (وما يشعركم) الكفار، ثم يستأنف الإخبار عنهم للمؤمنين، وقرأ نافع وغيره: " أنها " - بفتح الألف -، فقيل: إن " لا " زائدة في قوله: (لا يؤمنون)، كما زيدت في قوله تعالى: (وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون) [الأنبياء: 95]، ودعا إلى التزام هذا حفظ المعنى، لأنها لو لم تكن زائدة، لعاد الكلام عذرا للكفار، وفسد المراد بالآية، وضعف الزجاج وغيره زيادة " لا "، ومنهم من جعل (أنها) بمعنى لعلها، وحكاه سيبويه عن الخليل، وهذا التأويل لا يحتاج معه إلى تقدير زيادة، " لا "، وحكى الكسائي: أنه كذلك في مصحف أبي " وما أدراكم لعلها إذا جاءت "، ورجح أبو علي أن تكون " لا " زائدة، وبسط شواهده في ذلك.
وقوله سبحانه: (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون)، فالمعنى، على ما قالت فرقة: ونقلب أفئدتهم وأبصارهم في النار، وفي لهبها في الآخرة، لما لم يؤمنوا في الدنيا، ثم استأنف على هذا: ونذرهم في الدنيا في طغيانهم يعمهون، وقالت فرقة: إنما المراد بالتقليب التحويل عن الحق والهدى والترك في