والبصائر: جمع بصيرة، فكأنه قال: قد جاءكم في القرآن والآيات طرائق إبصار الحق، والبصيرة للقلب مستعارة من أبصار العين، والبصيرة أيضا هي المعتقد.
وقوله سبحانه: (فمن أبصر)، و (من عمي): عبارة مستعارة فيمن اهتدى، ومن ضل، وقوله: (وما أنا عليكم بحفيظ) - كان في أول الأمر وقبل ظهور الإسلام، ثم بعد ذلك كان صلى الله عليه وسلم حفيظا على العالم، آخذا لهم بالإسلام، أو السيف.
وقوله سبحانه: (وكذلك نصرف الآيات) أي: نرددها ونوضحها، وقرأ الجمهور: " وليقولوا درست " - بكسر اللام -، على أنها لام كي، وهي على هذا لام الصيرورة، أي: لما صار أمرهم إلى ذلك، وقرأ نافع وغيره: " درست "، أي: يا محمد درست في الكتب القديمة ما تجيئنا به، وقرأ ابن كثير وغيره: " دارست "، أي: دارست غيرك وناظرته، وقرأ ابن عامر: " درست " - بإسناد الفعل إلى الآيات -، كأنهم أشاروا إلى أنها ترددت على أسماعهم، حتى بليت في نفوسهم، وامحت، واللام في قوله:
(ليقولوا)، وفي قوله: (ولنبينه): متعلقان بفعل متأخر، وتقديره: " صرفناها "، وذهب بعض الكوفيين إلى أن " لا ": مضمرة بعد " أن " المقدرة في قوله: (وليقولوا)، فتقدير الكلام عندهم: ولأن لا يقولوا درست، كما أضمروها في قوله: (يبين الله لكم أن تضلوا) [النساء: 176].
قال * ع *: وهذا قلق، ولا يجيز البصريون إضمار " لا " في موضع من المواضع.
قلت: ولكنه حسن جدا من جهة المعنى، إذ لا يعلمون أنه درس أو دارس أحدا صلى الله عليه وسلم، فتأمله.
وقوله سبحانه: (اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو...) الآية: هذه الآية فيها موادعة، وهي منسوخة.
(ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة