ب " يشاء "، ولما كانت قوة الكلام أنه لا يخاف ضررا، استثنى مشيئة ربه تعالى في أن يريده بضر، و (علما): نصب على التمييز، وهو مصدر بمعنى الفاعل، كما تقول العرب: تصبب زيد عرقا، المعنى: تصبب عرق زيد، فكذلك المعنى هنا وسع علم ربي كل شئ، (أفلا تتذكرون): توقيف وتنبيه وإظهار لموضع التقصير منهم، وقوله: (وكيف أخاف ما أشركتم...) الآية إلى (تعلمون)، هي كلها من قول إبراهيم - عليه السلام - لقومه، وهي حجته القاطعة لهم، والمعنى: وكيف أخاف أصناما لا خطب لها، إذ نبذتها، ولا تخافون أنتم الله عز وجل، وقد أشركتم به في الربوبية (ما لم ينزل به عليكم سلطانا) والسلطان: الحجة، ثم استفهم، على جهة التقرير: (فأي الفريقين)، مني ومنكم (أحق بالأمن)، قال أبو حيان: (وكيف): استفهام، معناه التعجب والإنكار. انتهى.
وقوله سبحانه: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم...) الآية، قال ابن إسحاق، وابن زيد، وغيرهما: هذا قول من الله عز وجل ابتداء حكم فصل عام لوقت محاجة إبراهيم وغيره، ولكل مؤمن تقدم أو تأخر.
قال * ع *: هذا هو البين الفصيح الذي يرتبط به معنى الآية، ويحسن رصفها، وهو خبر من الله عز وجل، و (يلبسوا): معناه: يخلطوا، والظلم، في هذا الموضع:
الشرك، تظاهرت بذلك الأحاديث الصحيحة، وفي قراءة مجاهد: " ولم يلبسوا إيمانهم بشرك " (وهم مهتدون)، أي: راشدون.
(وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم (83) ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزى المحسنين (84) وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين (85) وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين (86)) وقوله تعالى: (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه): " تلك ": إشارة إلى هذه الحجة المتقدمة.
وقوله سبحانه: (نرفع كل درجات من نشاء)، " الدرجات ": أصلها في الأجسام، ثم