الحكم وهو أسرع الحاسبين (62) قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين (63) قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون (64)) وقوله سبحانه: (وهو الذي يتوفاكم بالليل)، يعني به: النوم، و (يعلم ما جرحتم)، أي: ما كسبتم بالنهار، ويحتمل أن يكون (جرحتم) هنا من الجرح، كأن الذنب جرح في الدين، والعرب تقول:
............ وجرح اللسان كجرح اليد و (يبعثكم): يريد به الإيقاظ، والضمير في (فيه) عائد على النهار، قاله مجاهد وغيره، ويحتمل أن يعود الضمير على التوفي، أي: يوقظكم في التوفي، أي: في خلاله وتضاعيفه، قاله عبد الله بن كثير.
و (ليقضي أجل مسمى): المراد به آجال بني آدم، (ثم إليه مرجعكم)، يريد:
بالبعث والنشور، (ثم ينبئكم)، أي: يعلمكم إعلام توقيف، ومحاسبة، ففي هذه الآية إيضاح الآيات المنصوبة للنظر، وفيها ضرب مثال للبعث من القبور، لأن هذا أيضا إماتة وبعث على نحو ما.
وقوله سبحانه: (وهو القاهر فوق عباده): القاهر إن أخذ صفة فعل، أي: مظهر القهر بالصواعق والرياح والعذاب، فيصح أن تجعل (فوق) ظرفية للجهة، لأن هذه الأشياء إنما تعاهدها العبادة من فوقهم، وإن أخذ (القاهر) صفة ذات، بمعنى القدرة والاستيلاء، ف (فوق): لا يجوز أن تكون للجهة، وإنما هي لعلو القدر والشأن، على حد ما تقول: الياقوت فوق الحديد، والأحرار فوق العبيد، و (يرسل عليكم): معناه: يبثهم فيكم، و (حفظة): جمع حافظ، والمراد بذلك الملائكة الموكلون بكتب الأعمال، وروي أنهم الملائكة الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: " يتعاقب فيكم ملائكة بالليل وملائكة