في الأرض، ويلقي التراب على الغراب الميت، وظاهر الآية أن هابيل هو أول ميت من بني آدم، ولذلك جهل سنة المواراة، وكذلك حكى الطبري، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم بما في الكتب الأول، والسوءة: العورة، ويحتمل أن يراد الحالة التي تسوء الناظر، ثم إن قابيل وارى أخاه، وندم على ما كان منه من معصية في قتله، حيث لا ينفعه الندم.
واختلف العلماء في قابيل، هل هو من الكفار أو من العصاة، والظاهر أنه من العصاة، قال الفخر: ولم ينتفع قابيل بندمه، لأن ندمه كان لأسباب، منها: سخط أبويه وإخوته، وعدم انتفاعه بقتله، ونحو ذلك، ولما كان ندمه لهذه الأسباب لا لأجل الخوف من الله تعالى، فلا جرم لم ينفعه هذا الندم.
وقوله تعالى: (من أجل ذلك) هو إشارة إلى ما تضمنته هذه القصة من أنواع المفاسد الحاصلة بسبب القتل الحرام، لا أنه إشارة إلى قصة قابيل وهابيل. انتهى.
وقوله سبحانه: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل...) الآية: جمهور الناس على أن قوله: (من أجل ذلك): متعلق بقوله: (كتبنا) أي: من أجل هذه النازلة، ومن جراها، كتبنا، وقال قوم: بل هو متعلق بقوله: (من النادمين) أي: ندم، من أجل ما وقع، والوقف، على هذا، على (ذلك)، والناس على أن الوقف (من النادمين)، ويقال: فعلت ذلك من أجلك - بفتح الهمزة - ومن إجلك - بكسرها -.
وقوله سبحانه: (بغير نفس) أي: بغير أن تقتل نفس نفسا، والفساد / في الأرض:
يجمع الزنا، والارتداد، والحرابة.
وقوله سبحانه: (فكأنما قتل الناس جميعا) روي عن ابن عباس، أنه قال: المعنى:
من قتل نفسا واحدة، وانتهك حرمتها، فهو مثل من قتل الناس جميعا، ومن ترك قتل نفس واحدة، وصان حرمتها، مخافتي، واستحياها، فهو كمن أحيا الناس جميعا، قال الحسن وابن زيد: (ومن أحياها) أي: عفا عمن وجب له قتله بعد القدرة، وقيل غير هذا.
ثم أخبر تعالى عن بني إسرائيل، أنهم جاءتهم الرسل بالبينات في هذا وفي سواه،