تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٣٧٥
وعظ من الله تعالى بعقب ذكر العقوبات النازلة بالمحاربين، وهذا من أبلغ الوعظ، لأنه يرد على النفوس، وهي خائفة وجلة (وابتغوا): معناه: اطلبوا، و (الوسيلة): القربة، وأما الوسيلة المطلوبة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهي أيضا من هذا، لأن الدعاء له بالوسيلة والفضيلة إنما هو أن يؤتاهما في الدنيا، ويتصف بهما، ويكون ثمرة ذلك في الآخرة التشفيع في المقام المحمود، قلت: وفي كلامه هذا مالا يخفى، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الوسيلة التي كان يرجوها من ربه، " وأنها درجة في الجنة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو... " الحديث، وخص سبحانه الجهاد بالذكر، وإن كان داخلا في معنى الوسيلة تشريفا له، إذ هو قاعدة الإسلام.
وقوله تعالى: (يريدون أن يخرجوا من النار): إخبار بأنهم يتمنون هذا، وقال الحسن بن أبي الحسن: إذا فارت بهم النار، قربوا من حاشيتها، فحينئذ يريدون الخروج، ويطمعون به، وتأول هو وغيره الآية على هذا، قلت: ويؤيده ما خرجه البخاري في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم، " حيث أتاه آتيان، فأخذا بيده "، وفيه: " فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج، رمى الرجل بحجر في فيه "، وفيه أيضا: فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع تتوقد تحته نار، فإذا اقترب، ارتفعوا، فإذا خمدت، رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة، فقلت: ما هذا؟ فقالا: أنطلق... " الحديث، وأخبر سبحانه عن هؤلاء الكفار، أنهم ليسوا بخارجين من النار، بل عذابهم فيها مقيم مؤبد.
(والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم (38) فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم (39) ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شئ قدير (40)) وقوله سبحانه: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما...) الآية: قلت:
المسروق: مال أو غيره.
(٣٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 370 371 372 373 374 375 376 377 378 380 381 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة