تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٣٠
وقوله: (نفسه): نائبة عن " إياه "، وهذه مخاطبة على معهود ما يفهمه البشر، والنفس في مثل هذا راجع إلى الذات، وفي الكلام حذف مضاف، لأن التحذير إنما هو من عقاب وتنكيل ونحوه، قال ابن عباس، والحسن: / ويحذركم الله عقابه.
وقوله تعالى: (قل إن تخفوا ما في صدوركم...) الآية: الضمير في " تخفوا " هو للمؤمنين الذين نهوا عن الكافرين، والمعنى: إنكم إن أبطنتم الحرص على إظهار موالاتهم، فإن الله يعلم ذلك، ويكرهه منكم.
(يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد (30) قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم (31) قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين (32)) وقوله تعالى: (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا)، قال ابن هشام في " المعنى ": " يوم ": نصب بمحذوف، تقديره: اذكروا أو احذروا، ولا يصح أن يكون ظرفا ل‍ " يحذركم "، كما زعم بعضهم، لأن التحذير في الدنيا وقع لا في الآخرة. اه‍.
وقوله تعالى: (وما عملت من سوء)، يحتمل أن تكون " ما " معطوفة على " ما " الأولى، فهي في موضع نصب، ويكون " تود " في موضع الحال، وإليه ذهب الطبري وغيره، ويحتمل أن تكون " ما " رفع بالابتداء، والخبر في قوله: " تود ". وما بعده، والأمد:
الغاية المحدودة من المكان أو الزمان.
وقوله تعالى: (والله رؤوف بالعباد) يحتمل أن يكون إشارة إلى أن تحذيره رأفة منه سبحانه بعباده، ويحتمل أن يكون ابتداء إعلام بهذه الصفة، فمقتضى ذلك: التأنيس، لئلا يفرط الوعيد على نفس مؤمن، فسبحانه ما أرحمه بعباده!.
وعن منصور بن عمار، أنه قال: أعقل الناس محسن خائف، وأجهل الناس مسيء
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة