تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٣١
آمن، فلما سمع عبد الملك بن مروان منه هذا الكلام، بكى حتى بل ثيابه، ثم قال له:
أتل علي، يا منصور، شيئا من كتاب الله، فتلا عليه: (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا...) الآية، فقال عبد الملك: قتلتني، يا منصور، ثم غشي عليه. اه‍.
وقوله تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني...) الآية: قال الشيخ العارف بالله ابن أبي جمرة (رضي الله عنه): من علامة السعادة للشخص: أن يكون معتنيا بمعرفة السنة في جميع تصرفاته، والذي يكون كذلك هو دائم في عبادة، في كل حركاته وسكناته، وهذا هو طريق أهل الفضل، حتى حكي عن بعضهم، أنه لم يأكل البطيخ سنين، لما لم يبلغه كيفية السنة في أكله، وكيف لا، والله سبحانه يقول: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) والاتباعية الكاملة إنما تصح بأن تكون عامة في كل الأشياء، يعني: إلا ما خصصه به الدليل، جعلنا الله من أهلها في الدارين. انتهى.
قال * ع *: قال الحسن بن أبي الحسن، وابن جريج: إن قوما على عهد النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا محمد، إنا نحب ربنا، فنزلت هذه الآية، وقيل: أمر صلى الله عليه أن يقول هذا القول لنصارى نجران.
قال * ع *: ويحتمل أن تكون الآية عامة لأهل الكتاب اليهود والنصارى، لأنهم كانوا يدعون أنهم يحبون الله، ويحبهم.
قال عياض: أعلم أن من أحب شيئا، آثره، وآثر موافقته، وإلا لم يكن صادقا في حبه، وكان مدعيا، فالصادق في حب النبي صلى الله عليه وسلم، من تظهر علامات ذلك عليه، وأولها الاقتداء به، واتباع سنته، واتباع أقواله وأفعاله، والتأدب بآدابه في عسره ويسره، قال تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني...) الآية، قال عياض: روي في الحديث، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " من استمسك بحديثي، وفهمه وحفظه، جاء مع القرآن، ومن
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة