تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٨
ظالميها بترك الهجرة، و (توفاهم الملائكة): معناه: تقبض أرواحهم، قال الزجاج، وحذفت النون من ظالمين، تخفيفا، كقوله: (بالغ الكعبة) [المائدة: 95]، وقول الملائكة:
(فيم كنتم): تقرير وتوبيخ، وقول هؤلاء: (كنا مستضعفين في الأرض): اعتذار غير صحيح، إذ كانوا يستطيعون الحيل، ويهتدون السبل، ثم وقفتهم الملائكة على ذنبهم بقولهم: (ألم تكن أرض الله واسعة)، والأرض الأولى: هي أرض مكة خاصة، وأرض الله هي الأرض بالإطلاق، والمراد: فتهاجروا فيها إلى مواضع الأمن، وهذه المقاولة إنما هي بعد توفي الملائكة لأرواح هؤلاء، وهي دالة على أنهم ماتوا مسلمين وإلا فلو ماتوا كافرين، لم يقل لهم شئ من هذا، ثم استثنى سبحانه من كان استضعافه حقيقة من زمني الرجال، وضعفة النساء، والولدان، قال ابن عباس: " كنت أنا وأمي من المستضعفين "، والحيلة: لفظ عام لأنواع أسباب التخلص، والسبيل: سبيل المدينة، فيما قاله مجاهد وغيره، والصواب: أنه عام في جميع السبل، ثم رجى الله تعالى هؤلاء بالعفو عنهم، والمراغم: المتحول والمذهب، قاله ابن عباس وغيره، وقال مجاهد: المراغم المتزحزح عما يكره، وقال ابن زيد: المراغم: المهاجر، وقال السدي: المراغم: المبتغى للمعيشة.
قال * ع *: وهذا كله تفسير بالمعنى، وأما الخاص باللفظة، فإن المراغم هو موضع المراغمة، فلو هاجر أحد من هؤلاء المحبوسين بمكة، لأرغم أنوف قريش بحصوله في منعة منهم، فتلك المنعة هي موضع المراغمة، قال ابن عباس وغيره: السعة هنا هي السعة في
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة