أن قوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به) فصل مجمع عليه، وقوله: (ويغفر ما دون ذلك) فصل قاطع للمعتزلة، راد على قولهم ردا لا محيد لهم عنه، ولو وقفنا في هذا الموضع من الكلام، لصح قول المرجئة، فجاء قوله: (لمن يشاء)، ردا عليهم مبينا أن غفران ما دون الشرك إنما هو لقوم دون قوم، بخلاف ما زعموه من أنه مغفور لكل مؤمن، ولما حتم سبحانه: (على أنه لا يغفر الشرك، ذكر قبح موقعه، وقدره في الذنوب، والفرية:
أشد مراتب الكذب قبحا، وهو الاختلاق.
وقوله تعالى: (ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء...) الآية:
لا خلاف بين المتأولين أن المراد بالآية اليهود، وإنما اختلفوا في المعنى الذي به زكوا أنفسهم.
فقال الحسن، وقتادة: ذلك قولهم: (نحن أبناء الله وأحباؤه) [المائدة: 18]، وقولهم: (لن يدخل الجنة إلا من كان هودا) [البقرة: 111] إلى غير ذلك من غرورهم.
قال * ع *: فتقتضي هذه الآية الغض من المزكي لنفسه بلسانه، والإعلام بأن الزاكي المزكي من حسنت أفعاله، وزكاه الله عز وجل، قال ابن عباس وغيره: الفتيل:
الخيط الذي في شق نواة التمرة، وذلك راجع إلى الكناية عن تحقير الشئ وتصغيره، وأن الله لا يظلمه، ولا شئ دونه في الصغر، فكيف بما فوقه.
وقوله تعالى: (انظر كيف يفترون على الله الكذب...) الآية: يبين أن تزكيتهم