تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٥
أحدهما: غير مأمور وغير صاغر، كأنهم قالوا: غير أن تسمع مأمورا بذلك.
والآخر: على جهة الدعاء، أي: لا سمعت، كما تقول: امض غير مصيب، ونحو ذلك، فكانت اليهود إذا خاطبت النبي صلى الله عليه وسلم ب‍ (غير مسمع)، أرادت في الباطن الدعاء عليه، وأرت ظاهرا، أنها تريد تعظيمه، قال ابن عباس وغيره نحوه، وكذلك كانوا يريدون منه في أنفسهم معنى الرعونة، وحكى مكي معنى رعاية الماشية، ويظهرون منه معنى المراعاة، فهذا معنى لي اللسان، وقال الحسن ومجاهد: (غير مسمع)، أي: غير مقبول منك، و (ليا): أصله " لويا "، و (طعنا في الدين): أي: توهينا له وإظهارا للاستخفاف به.
قال * ع *: وهذا اللي باللسان إلى خلاف ما في القلب موجود حتى الآن في بني إسرائيل، ويحفظ منه في عصرنا أمثله إلا أنه لا يليق ذكرها بهذا الكتاب.
وقوله تعالى: (ولو أنهم...) الآية: المعنى: ولو أنهم آمنوا وسمعوا وأطاعوا، و (أقوم): معناه: أعدل وأصوب، و (قليلا): نعت إما لإيمان، وإما لنفر، أو قوم، والمعنى مختلف.
(يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا (47) إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما (48) ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكى من يشاء ولا يظلمون فتيلا (49) انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا (50)) وقوله تعالى: (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم...) الآية: هذا خطاب لليهود والنصارى، (ولما معكم): من شرع وملة، لا لما معهم من مبدل، ومغير، والطامس: الداثر المغير الأعلام، قالت طائفة: طمس الوجوه هنا هو خلو الحواس منها، وزوال الخلقة، وقال ابن عباس وغيره: طمس الوجوه: أن تزال العينان
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة