تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٢٢٦
ما أشبه ذلك.
وقال ابن عباس أيضا: كل ما نهي الله عنه، فهو كبير، وعلى هذا القول أئمة الكلام، القاضي، وأبو المعالي، وغيرهما، قالوا: وإنما قيل: صغيرة، بالإضافة إلى أكبر منها، وإلا فهي في نفسها كبيرة، من حيث المعصي بالجميع واحد، واختلف العلماء في هذه المسألة، فجماعة من الفقهاء والمحدثين يرون أن باجتناب الكبائر تكفر الصغائر قطعا، وأما الأصوليون، فقالوا: محمل ذلك على غلبة الظن، وقوة الرجاء، لا على القطع، ومحمل الكبائر عند الأصوليين في هذه الآية أجناس الكفر، والآية التي قيدت الحكم، فترد إليها هذه المطلقات كلها: قوله تعالى: (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) [النساء: 48 و 116].
و (كريما): يقتضي كرم الفضيلة، ونفي العيوب، كما تقول: ثوب كريم، وهذه آية رجاء، وروى أبو حاتم البستي في " المسند الصحيح " له، عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر، ثم قال: " والذي نفسي بيده "، ثلاث مرات، ثم سكت، فأكب كل رجل منا يبكي حزينا ليمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: " ما من عبد يؤدي الصلوات الخمس، ويصوم رمضان، ويجتنب الكبائر السبع، إلا فتحت له ثمانية أبواب من الجنة يوم القيامة، حتى إنها لتصفق، ثم تلا: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم...) الآية ". انتهى من " التذكرة " للقرطبي، ونحوه ما رواه مسلم، عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن، إذا اجتنبت الكبائر "، قال القرطبي: وعلى هذا جماعة أهل التأويل، وجماعة الفقهاء، وهو الصحيح، أن الصغائر تكفر باجتناب الكبائر قطعا بوعد الله الصدق، وقوله الحق سبحانه، وأما الكبائر، فلا تكفرها إلا التوبة منها. انتهى.
قلت: وفي " صحيح مسلم "، عن أبي هريرة (رضي الله عنه)، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة