وقوله سبحانه: (الذين يذكرون الله قياما وقعودا): الذين: في موضع خفض صفة ل (أولى الألباب)، وهذا وصف ظاهره استعمال التحميد والتهليل والتكبير ونحوه من ذكر الله، وأن يحضر القلب اللسان، وذلك من أعظم وجوه العبادات، والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة، وابن آدم متنقل في هذه الثلاث الهيئات، لا يخلو في غالب أمره منها فكأنها تحصر زمنه، وكذلك جرت عائشة (رضي الله عنها) إلى حصر الزمن في قولها:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ".
قلت: خرجه أبو داود، فدخل في ذلك كونه على الخلاء وغيره.
وذهب جماعة إلى أن قوله تعالى: (الذين يذكرون الله) إنما هو عبارة عن الصلاة، أي: لا يضيعونها، ففي حال العذر يصلونها قعودا، وعلى جنوبهم، ثم عطف على هذه العبادة التي هي ذكر الله باللسان، أو الصلاة فرضها وندبها بعبادة أخرى عظيمة، وهي الفكرة في قدرة الله تعالى ومخلوقاته، والعبر التي بث. [المتقارب] وفي كل شئ له آية * تدل على أنه واحد قال الغزالي: ونهاية ثمرة الدين في الدنيا تحصيل معرفة الله، وتحصيل الأنس بذكر الله تعالى، والأنس يحصل بدوام الذكر، والمعرفة تحصل بدوام الفكر. انتهى من " الأحياء ".
ومر النبي صلى الله عليه وسلم على قوم يتفكرون في الله، فقال: " تفكروا في الخلق، ولا تتفكروا في الخالق، فإنكم لا تقدرون قدره ".
قال * ع *: وهذا هو قصد الآية في قوله: (ويتفكرون في خلق السماوات والأرض).