الأمثال في القرآن - ابن قيم الجوزية - الصفحة ٢٣
واللساني ومع هذا فهو عاجز لا يقدر على شئ البتة ومع هذا فأينما أرسلته لا يأتيك بخير ولا يقضي لك حاجة والله سبحانه حي قادر متكلم يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم وهذا وصف له بغاية الكمال والحمد فإن أمره أبا لعدل وهو الحق يتضمن أنه سبحانه عالم به معلم له راض به آمر لعباده به محب لأهله لا يأمر بسواه بل ينزه عن ضده الذي هو الجور والظلم والسفه والباطل بل أمره وشرعه عدل كله وأهل العدل هم أولياؤه وأحباؤه وهم المجاوروه (٩٩) فيه عن يمينه على منابر من نور وأمره بالعدل يتناول الأمر الشرعي الديني والأمر القدري الكوني وكلاهما عدل لا جور فيه بوجه ما كما في الحديث الصحيح: (اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك) (١٠٠) فقضاؤه هو أمره الكوني فإنما أمره إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون فلا يأمر بحق وعدل (١٠١)، وقضاؤه وقدره القائم به حق وعدل وإن كان في المقضي المقدر ما هو جور وظلم فإن القضاء (١٠٢) غير المقضي والقدر غير المقدر ثم أخبر سبحانه (أنه على صراط مستقيم) وهذا نظير قول شعيب (١٠٣) عليه الصلاة والسلام ﴿إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم﴾ (104) فقوله:
(ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها)) نظير قوله: (ناصيتي بيدك) وقوله: (إن ربي على صراط مستقيم) نظير قوله (عدل في قضاؤك) فالأول ملكه والثاني حمده وهو سبحانه له الملك وله الحمد وكونه سبحانه على صراط مستقيم يقتضي أنه لا يقول إلا الحق ولا يأمر إلا بالعدل ويفعل إلا ما هو مصلحة وحكمة وعدل

(٩٩) في ع (الجاورة له).
(١٠٠) مسند أحمد ١ / ٣٩١ / ٤٥٢ وانظر الكشاف ٢ / ٢٧٦، ٢٧٧.
(١٠١) في ع (بالحق والعدل).
(١٠٢) في م (فالقضاء).
(١٠٣) الصحيح إنه هود كما في م، ع وليس شعيبا.
(١٠٤) هود: ٥٦.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مراجع الكتاب 5
2 مواقف المنافقين في أمثال القرآن 9
3 فصل: تشبيه الماء الذي ينزل من السماء وفيه الخير بالمؤمن 12
4 فصل: مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع 13
5 فصل: مثل المتخذ من دون الله أولياء " بالعنكبوت " 14
6 فصل: مثل من عمله كسراب ومثل من عمله كظلمات في بحر لجي 15
7 فصل: مثل من عرف الحق والهدى وعمل بغيره 17
8 فصل: مثل من يسمع ولا يعقل 19
9 فصل: الشرك بالله 20
10 فصل: مثل من أعرض عن كلام الله 26
11 فصل: مثل الذين حملوا التوراة 27
12 فصل: مثل الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها 28
13 سبب الخلود إلى الأرض: فصل: مثل التجسس والظن والاغتياب 33
14 فصل: مثل من أعمالهم كرماد 34
15 فصل: مثل الكلمة الطيبة 35
16 فصل: الكلام على النخلة 37
17 فصل: مثل الكلمة الخبيثة 40
18 فصل: التثبت بالقول الصالح 41
19 فصل: سؤال القبر 43
20 فصل: مثل الشرك بالله " فكأنما خر من السماء " 46
21 فصل: مثل الشرك بالله " لن يخلقوا ذبابا " 47
22 فصل: مثل الذي ينعق 48
23 فصل: مثل الانفاق " مثل حبة " 50
24 فصل: مثل ما ينفقون " مثل ريح فيها صر " 53
25 فصل: ضرب الله مثلا رجلا 54
26 فصل: مثل امرأة نوح - ولوط وامرأة فرعون - ومريم 55