تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ٥٢
شعور له بالقاعدة النحوية، من أن التفريغ يكون في جميع المعمولات من فاعل ومفعول وغيره، إلا المصدر المؤكد فإنه لا يكون فيه. وقدره بعضهم: إن نظن إلا أنكم تظنون ظنا، قال: وإنما احتيج إلى هذا التقدير لأنه لا يجوز في الكلام: ما ضربت إلا ضربا، فاهتدى إلى هذه القاعدة النحوية، وأخطأ في التخريج، وهو محكي عن المبرد، ولعله لا يصح. وقولهم: إن نظن، دليل على أن الكفار قد أخبروا بأنهم ظنوا البعث واقعا، ودل قولهم قبل قوله: * (إن هى إلا حياتنا الدنيا) *، على أنهم منكرون البعث، فهم، والله أعلم، فرقتان، أو اضطربوا، فتارة أنكروا، وتارة ظنوا، وقالوا: * (إن نظن إلا ظنا) * على سبيل الهزء.
* (وبدا لهم سيئات ما عملوا) *: أي قبائح أعمالهم، أو عقوبات أعمالهم السيئات؛ وأطلق على العقوبة سيئة، كما قال: * (وجزاء سيئة سيئة مثلها) *. * (وحاق بهم) * أي أحاط، ولا يستعمل حاق إلا في المكروه. * (ننساكم) *: نترككم في العذاب، أو نجعلكم كالشئ المنسي الملقى غير المبالي بهم. * (كما نسيتم لقاء يومكم) *: أي لقاء جزاء الله على أعمالكم، ولم تخطروه على بال بعد ما ذكرتم به وتقدم إليكم بوقوعه. وأضاف اللقاء لليوم توسعا كقوله: * (بل مكر اليل والنهار) *. وقرأ الجمهور: * (لا يخرجون) *، مبنيا للمفعول؛ والحسن، وابن وثاب، وحمزة، والكسائي: مبنيا للفاعل. * (منها) *: أي من النار. * (ولا هم يستعتبون) * أي بطلب مراجعة إلى عمل صالح. وتقدم الكلام في الاستعتاب. وقرأ الجمهور: * (رب) *، بالجر في الثلاثة على الصفة، وابن محيصن: بالرفع فيهما على إضمار هو.
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»