في التقدير للواو، فناقض لأنه في هذا جعله مقارنا في التقدير للواو، وفيما قبله رفعه بفعل آخر غير الرافع للواو وهو وليق، وتقدم الخلاف في فتح الواو في قوله: * (وقودها) * وضمها في البقرة. وتفسير * (وقودها الناس والحجارة) * في البقرة * (عليها ملئكة) *: هي الزبانية التسعة عشر وأعوانهم. ووصفهم بالغلظ، إما لشدة أجسامهم وقوتها، وإما لفظاظتهم لقوله: * (ولو كنت فظا غليظ القلب) *، أي ليس فيهم رقة ولا حنة على العصاة. وانتصب * (ما أمرهم) * على البدل، أي لا يعصون أمره لقوله تعالى: * (أفعصيت أمرى) *، أو على إسقاط حرف الجر. أي فيما أمرهم * (ويفعلون ما يؤمرون) *. قيل: كرر المعنى توكيدا. وقال الزمخشري: فإن قلت: أليس الجملتان في معنى واحد؟ قلت: لا فإن معنى الأولى: أنهم يتقبلون أوامره ويلتزمونها ولا يأبونها ولا ينكرونها، ومعنى الثانية: أنهم يودون ما يؤمرون، لا يتثاقلون عنه ولا يتوانون فيه. * (لا تعتذروا) *: خطاب لهم عند دخولهم المنار، لأنهم لا ينفعهم الاعتذار، فلا فائدة فيه.
قوله عز وجل: * (تعملون يأيها الذين ءامنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الانهار) *.
ذكروا في النصوح أربعة وعشرين قولا. وروي عن عمر وعبد الله وأبي ومعاذ أنها التي لا عودة بعدها، كما لا يعود اللبن إلى الضرع، ورفعه معاذ إلى النبي صلى الله عليه وسلم). وقرأ الجمهور: * (نصوحا) * بفتح النون، وصفا لتوبة، وهو من أمثلة المبالغة، كضروب وقتول. وقرأ الحسن والأعرج وعيسى وأبو بكر عن عاصم، وخارجة عن نافع: بضمها، هو مصدر وصف به، ووصفها بالنصح على سبيل المجاز، إذ النصح صفة التائب، وهو أن ينصح نفسه بالتوبة، فيأتي بها على طريقها، وهي خلوصها من جميع الشوائب المفسدة لها، من قولهم: عسل ناصح، أي خالص من الشمع، أو من النصاحة وهي الخياطة، أي قد أحكمها وأوثقها، كما يحكم الخياط الثوب بخياطته وتوثيقه.
وسمع علي أعرابيا يقول: اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك، فقال: يا هذا إن سرعة اللسان بالتوبة توبة الكذابين، قال: وما التوبة؟ قال: يجمعها ستة أشياء: على الماضي من الذنوب الندامة، وعلى الفرائض الإعادة، ورد المظالم واستحلال الخصوم، وأن يعزم على أن لا يعودوا، وأن تدئب نفسك في طاعة الله كما أدأبتها في المعصية، وأن تذيقها مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعاصي. وعن حذيفة: بحسب الرجل من الشر أن يتوب من الذنب ثم يعود فيه. انتهى. ونصوحا من نصح، فاحتمل وهو الظاهر أن تكون التوبة تنصح نفس التائب، واحتمل أن يكون متعلق النصح الناس، أي يدعوهم إلى مثلها لظهور أمرها على صاحبها. وقرأ