بجعل أعالي القرية أسافل وإمطار الحجارة. والظاهر أن قوله: * (وفى موسى) * معطوف على * (وتركنا فيها) *: أي في قصة موسى. وقال الزمخشري وابن عطية: * (وفى موسى) * يكون عطفا على * (وفى الارض ءايات للموقنين) *. * (وفى موسى) *، وهذا بعيد جدا، ينزه القرآن عن مثله. وقال الزمخشري أيضا: أو على قوله، * (وتركنا فيها ءاية) *، على معنى: وجعلنا في موسى آية، كقوله:
* علفتها تبنا وماء باردا انتهى، ولا حاجة إلى إضمار * (وتركنا) *، لأنه قد أمكن أن يكون العامل في المجرور * (وتركنا) *.
* * (فتولى بركنه) *: أي أزور وأعرض، كما قال: * (ونأى بجانبه) *. وقيل: بقوته وسلطانه. وقال ابن زيد: بركنه: بمجموعه. وقال قتادة: بقومه. * (وقال ساحر أو مجنون) *: ظن أحدهما، أو تعمد الكذب، وقد علم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم) حقا. وقال أبو عبيدة: أو بمعنى الواو، ويدل على ذلك أنه قد قالهما، قال: * (إن هاذا لساحر عليم) *، و * (قال إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون) *، واستشهد أبو عبيدة بقول جرير:
* أثعلبة الفوارس أو رباحا * عدلت بهم طهية والحشايا * ولا ضرورة تدعو إلى جعل أو بمعنى الواو، إذ يكون قالهما، وأبهم على السامع، فأو للإبهام. * (هو * مليم) *: أي أتى من المعاصي ما يلام عليه. * (العقيم) * التي لا خير فيها، من الشتاء مطر، أو لقاح شجر. وفي الصحيح: نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور. فقول من ذهب إلى أنها الصبا، أو الجنوب، أو النكباء، وهي ريح بين ريحين، نكبت عن سمت القبلة، فسميت نكباء، ليس بصحيح، لمعارضته للنص الثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم) أنها الدبور.
* (ما تذر من شىء أتت عليه) *: وهو عام مخصوص، كقوله: * (تدمر كل شىء بأمر ربها) *: أي مما أراد الله تدميره وإهلاكه من ناس أو ديار أو شجر أو نبات، لأنها لم يرد الله بها إهلاك الجبال والآكام والصخور، ولا العالم الذي لم يكن من قوم عاد. * (إلا جعلته كالرميم) *: جملة حالية، والرميم تقدم تفسيره في يس، وهنا قال السدي: التراب، وقتادة: الهشيم، ومجاهد: البالي، وقطرب: الرماد، وابن عيسى: المنسحق الذي لا يرم، جعل الهمزة في أرم للسلب. روي أن الريح كانت تمر بالناس، فيهم الرجل من قوم عاد، فتنزعه من بينهم وتهلكه. * (تمتعوا حتى حين) *، قال الحسن: هذا كان حين بعث إليهم صالح، أمروا بالإيمان بما جاء به، والتمتع إلى أن تأتي آجالهم، ثم إنهم عتوا بعد ذلك، ولذلك جاء العطف بالفاء المقتضية تأخر العتو عن ما أمروا به، فهو مطابق لفظا ووجود. وقال الفراء: هذا الأمر بالتمتع كان بعد عقر الناقة، والحين ثلاثة أيام التي أوعدوا في تمامها بالعذاب. فالعتو كان قد تقدم قبل أن يقال لهم تمتعوا، ولا ضرورة تدعو إلى قول الفراء، إذ هو غير مرتب في الوجود. وقرأ الجمهور: الصاعقة؛ وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهما، والكسائي: الصعقة، وهي الصيحة هنا. وقرأ الحسن: الصاعقة؛ وزيد بن علي كقراءة الكسائي. * (وهم ينظرون) *: أي فجأة، وهم ينظرون بعيونهم، قاله الطبري: وكانت نهارا. وقال مجاهد: * (وهم ينظرون) * ينتظرون ذلك في تلك الأيام الثلاثة التي أعلموه فيها، ورأوا علاماته في قلوبهم، وانتظار العذاب أشد من العذاب.
* (فما استطاعوا من قيام) *، لقوله: * (فأصبحوا في دارهم جاثمين) *، ونفي الاستطاعة أبلغ من نفي القدرة. * (وما كانوا منتصرين) *، أبلغ من نفي الانتصار: أي فما قدروا على الهرب، ولا كانوا ممن ينتصر لنفسه فيدفع ما حل به. وقيل: * (من قيام) *، هو من قولهم: ما يقوم به إذا عجز عن دفعه، فليس المعنى انتصاب القامة، قاله قتادة. وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي: * (وقوم) * بالجر عطفا على ما تقدم، أي وفي قوم نوح، وهي قراءة عبد الله. وقرأ باقي السبعة، وأبو عمرو في رواية: بالنصب. قيل: عطفا على الضمير في * (فأخذتهم) *؛ وقيل: عطفا على * (فنبذناهم) *، لأن معنى كل منهما: فأهلكناهم. وقيل: منصوب بإضمار فعل تقديره: وأهلكنا قوم نوح، لدلالة معنى الكلام عليه.