تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ١٤٣
سحاب مركوم * فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذى فيه يصعقون * يوم لا يغنى عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون * وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولاكن أكثرهم لا يعلمون * واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم * ومن اليل فسبحه وإدبار النجوم) *)) ) * الرق، بالفتح والكسر: جلد رقيق يكتب فيه، وجمعه رموق. والرق بالكسر: المملوك. مار الشيء: ذهب وجاء. وقال الأخفش: وأبو عبيدة: تكفأ، وأنشد الأعشى:
* كأن مشيتها من بين جارتها * مر السحابة لا ريث ولا عجل * ويروى: مرو السحابة. الدع: الدفع في الضيق بشدة وإهانة. السموم: الريح الحارة التي تدخل المسام، ويقال: سم يومنا فهو مسموم، والجمع سمائم. وقال ثعلب: شدة الحر، أو شدة البرد في النهار. وقال أبو عبيدة: السموم بالنهار، وقد يكون بالليل؛ والحرور بالليل، وقد يكون بالنهار. وقد يستعمل السموم في لفح البرد، وهو في لفح الحر والشمس أكثر. المنون: الدهر، وريبه: حوادثه. وقيل: اسم للموت. المسيطر: المتسلط. وحكى أبو عبيدة: سطرت علي، إذا اتخذتني خولا، ولم يأت في كلام العرب اسم على مفيعل إلا خمسة: مهيمن ومحيمر ومبيطر ومسيطر ومبيقر. فالمحيمر اسم جبل، والبواقي أسماء فاعلين، والله تعالى أعلم.
* (والطور * وكتاب مسطور * فى رق منشور * والبيت المعمور * والسقف المرفوع * والبحر المسجور * إن عذاب ربك لواقع * ما له من دافع * يوم تمور السماء مورا * وتسير الجبال سيرا * فويل يومئذ للمكذبين * الذين هم فى خوض يلعبون * يوم يدعون إلى نار جهنم دعا * هاذه النار التى كنتم بها تكذبون * أفسحر هاذا أم أنتم لا تبصرون * اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون * إن المتقين فى جنات ونعيم * فاكهين بما ءاتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم * كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون * متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين * والذين ءامنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شىء كل امرىء بما كسب رهين) *.
هذه السورة مكية. ومناسبتها لآخر ما قبلها ظاهرة، إذ في آخر تلك: * (فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم) *، وقال هنا: * (إن عذاب ربك لواقع) *.
الطور: الجبل، والظاهر أنه اسم جنس، لا جبل معين، وفي الشأم جبل يسمى الطور، وهو طور سيناء. فقال نوف البكالي: إنه الذي أقسم الله به لفضله على الجبال. قيل: وهو الذي كلم الله عليه موسى، عليه الصلاة والسلام. والكتاب المسطور: القرآن، أو المنتسخ من اللوح المحفوظ، أو التوراة، أو هي الإنجيل والزبور، أو الكتاب الذي فيه أعمال الخلق، أو الصحف التي تعطى يوم القيامة بالإيمان والشمائل، أقوال آخرها للفراء، ولا ينبغي أن يحمل شيء منها على التعيين، إنما تورد على الاحتمال. وقرأ أبو السمال: في رق، بكسر الراء، * (منشور) *: أي مبسوط. وقيل: مفتوح لا ختم عليه. وقيل: منشور لائح. وعن ابن عباس: منشور ما بين المشرق والمغرب.
* (والبيت المعمور) *، قال علي وابن عباس وعكرمة: هو بيت في السماء
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»