وأيس إذ ذاك من فلاحهم، فنادى ربه وهو أعلم بحاله فدعائي ليس لأجل أنهم آذوني، ولكن لأجل دينك. * (فافتح) *، أي فاحكم. ودعا لنفسه ولمن آمن به بالنجاة، وفي ذلك إشعار بحلول العذاب بقومه، أي: * (ونجنى) * مما يحل بهم. وقيل: ونجني من عملهم لأنه سبب العقوبة. والفلك واحد وجمع، وغالب استعماله جمعا لقوله: * (وترى الفلك مواخر فيه) *، والفلك التي تجري في البحر) *، فحيث أتى في غير فاصلة، استعمل جمعا، وحيث كان فاصلة، استعمل مفردا لمراعاة الفواصل، كهذا الموضع. والذي في سورة يس، وتقدم الخلاف إذا كان مدلوله جمعا، أهو جمع تكسير، أم اسم جمع؟ والمشحون، قال ابن عباس: الموقر، وقال عطاء: المثقل. * (*) *، فحيث أتى في غير فاصلة، استعمل جمعا، وحيث كان فاصلة، استعمل مفردا لمراعاة الفواصل، كهذا الموضع. والذي في سورة يس، وتقدم الخلاف إذا كان مدلوله جمعا، أهو جمع تكسير، أم اسم جمع؟ والمشحون، قال ابن عباس: الموقر، وقال عطاء: المثقل. * (ثم أغرقنا بعد) *: أي بعد نجاة نوح والمؤمنين.
* (كذبت عاد المرسلين * إذ قال لهم أخوهم * ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسئلكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين * أتبنون بكل ريع ءاية تعبثون * وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون * وإذا بطشتم بطشتم جبارين * فاتقوا الله وأطيعون * واتقوا الذى أمدكم بما * تعملون * أمدكم بأنعام وبنين * وجنات وعيون * إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم * قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين * إن هاذا إلا خلق الاولين * وما نحن بمعذبين * فكذبوه فأهلكناهم إن فى ذلك لاية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم) *.
كان أخاهم من النسب، وكان تاجرا جميلا، أشبه الخلق بآدم عليه السلام، عاش أربعمائة سنة وأربعا وستين سنة، وبينه وبين ثمود مائة سنة. وكانت منازل عاد ما بين عمان إلى حضرموت. أمرع البلاد، فجعلها الله مفاوز ورمالا. أمرهم أولا أمر به نوح قومه، ثم نعى عليهم من سوء أعمالهم مع كفرهم فقال: * (أتبنون بكل ريع) *؟ قال ابن عباس: هو رأس الزقاق. وقال مجاهد: فج بين جبلين. وقال عطاء: عيون فيها الماء. وقال ابن بحر: جبل. وقيل: الثنية الصغيرة. وقرأ الجمهور: ريع بكسر الراء، وابن أبي عبلة: بفتحها. قال ابن عباس: * (ءاية) *: علما. وقال مجاهد: أبراج الحمام. وقال النقاش وغيره: القصور الطوال. وقيل: بيت عشار. وقيل: ناديا للتصلف. وقيل: أعلاما طوالا ليهتدوا بها في أسفارهم، عبثوا بها لأنهم كانوا يهتدون بالنجوم. وقيل: علامة يجتمع إليها من يعبث بالمار في الطريق. وفي قوله إنكار للبناء على صورة العبث، كما يفعل المترفون في الدنيا. والمصانع: جمع مصنعة. قيل: وهي البناء على الماء. وقيل: القصور المشيدة المحكمة. وقيل: الحصون. وقال قتادة: برك الماء. وقيل: بروج الحمام. وقيل: المنازل. واتخذ هنا بمعنى عمل، أي ويعملون مصانع، أي تبنون. وقال لبيد:
وتبقى جبال بعدنا ومصانع * (لعلكم تخلدون) *: الظاهر أن لعل على بابها من الرجاء، وكأنه تعليل للبناء والاتخاذ، أي الحامل لكم على ذلك هو الرجاء للخلود ولا خلود. وفي قراءة عبد الله: كي تخلدون، أو يكون المعنى يشبه حالكم حال من يخلد، فلذلك بتيتم واتخذتم. وقال ابن زيد: معناه الاستفهام على سبيل التوبيخ والهزء بهم، أي هل أنتم تخلدون: وكون لعل للاستفهام مذهب كوفي. وقال ابن عباس: المعنى كأنكم خالدون، وفي حرف أبي: كأنكم تخلدون. وقرئ: كأنكم خالدون. وقرأ أبي، وعلقمة، وأبو العالية، مبنيا للمفعول مشددا، كما قال الشاعر: