* وإني حسبت اليوم والأمس قبله * إلى الليل حتى كادت الشمس تغرب * (يستصرخه) *: يصيح به مستغيثا من قبطي آخر، ومنه قول الشاعر:
كنا إذا ما أتانا صارخ فزع كان الصراخ له قرع الطنابيب * قال له موسى: الظاهر أن الضمير في له عائد على الذي * (إنك لغوى مبين) * لكونك كنت سببا في قتل القبطي بالأمس، قال له ذلك على سبيل العتاب والتأنيب. وقيل: الضمير في له، والخطاب للقبطي، ودل عليه قوله: يستصرخه، ولم يفهم الإسرائيلي أن الخطاب للقبطي. * (فلما أن أراد أن يبطش) *: الظاهر أن الضمير في أراد ويبطش هو لموسى. * (بالذى هو عدو لهما) *: أي للمستصرخ وموسى وهو القبطي يوهم الإسرائيلي أن قوله: * (إنك لغوى مبين) * هو على سبيل إرادة السوء به، وظن أنه يسطو عليه. قال، أي الإسرائيلي: * (قال ياموسى أتريد أن تقتلنى كما قتلت نفسا بالامس) *، دفعا لما ظنه من سطو موسى عليه، وكان تعيين القائل القبطي قد خفي على الناس، فانتشر في المدينة أن قاتل القبطي هو موسى، ونمى ذلك إلى فرعون، فأمر بقتل موسى. وقيل: الضمير في أراد ويبطش للإسرائيلي عند ذلك من موسى، وخاطبه بما يقبح، وأن بعد لما يطرد زيادتها. وقيل: لو إذا سبق قسم كقوله:
* فأقسم أن لو التقينا وأنتم * لكان لكم يوم من الشر مظلم * وقرأ الجمهور: يبطش، بكسر الطاء؛ والحسن، وأبو جعفر: بضمها. * (إن تريد إلا أن تكون جبارا فى الارض) *: وشأن الجبار أن يقتل بغير حق. وقال الشعبي: من قتل رجلين فهو جبار، يعني بغير حق، ولما أثبت له الجبروتية نفى عنه الصلاح. * (وجاء رجل من أقصى المدينة) *، قيل: هو مؤمن آل فرعون، وكان ابن عم فرعون. قال الكلبي: واسمه جبريل بن شمعون. وقال الضحاك: شمعون بن إسحاق. وقيل: هو غير مؤمن آل فرعون. * (يسعى) *: يشتد في مشيه. ولما أمر فرعون بقتله، خرج الجلاوزة من الشارع الأعظم، فسلك هذا الرجل طريقا أقرب إلى موسى. ومن أقصى المدينة، ويسعى: صفتان، ويجوز أن يكون يسعى حالا، ويجوز أن يتعلق من أقصى بجاء. قال الزمخشري: وإذا جعل، يعني، من أقصى حالا، لجاء لم يجز في يسعى إلا الوصف. انتهى. يعني: أن رجلا يكون نكرة لم توصف، فلا يجوز منها الحال، وقد أجاز ذلك سيبويه في كتابه من غير وصف. قال: * (إن الملا) *، وهم وجوه أهل دولة فرعون، * (يأتمرون) *: يتشاورون، قال الشاعر، وهو النمر بن تولب:
* أرى الناس قد أحدثوا شيمة * وفي كل حادثة يؤتمر *