تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٧ - الصفحة ١٠٣
وقيل: عن جانب، لأنها كانت تمشي على الشط، وهم لا يشعرون أنها تقص. وقيل: لا يشعرون أنها أخته. وقيل: لا يشعرون أنه عدو لهم، قاله مجاهد. وقرأ الجمهور: عن جنب، بضمتين. وقرأ قتادة: فبصرت، بفتح الصاد؛ وعيسى: بكسرها. وقرأ قتادة، والحسن، والأعرج، وزيد بن علي: جنب، بفتح الجيم وسكون النون. وعن قتادة: بفتحهما أيضا. وعن الحسن: بضم الجيم وإسكان النون. وقرأ النعمان بن سالم: عن جانب، والجنب والجانب والجنابة والجناب بمعنى واحد. وقال قتادة: معنى عن جنب: أنها تنظر إليه كأنها لا تريده. والتحريم هنا بمعنى المنع، أي منعناه أن يرضع ثدي امرأة؛ والمراضع جمع مرضع، وهي المرأة التي ترضع؛ أو جمع مرضع، وهو موضع الرضاع، وهو الثدي، أو الإرضاع. * (من قبل) *: أي من أول أمره. وقيل: من قبل قصها أثره وإتيانه على من هو عنده.
* (فقالت هل أدلكم) *: أي أرشدكم إلى * (أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون) *، لكونهم فيهم شفقة ورحمة لمن يكفلونه وحسن تربية. ودل قوله: * (وحرمنا عليه المراضع) *، أنه عرض عليه جملة من المرضعات، والظاهر أن الضمير في له عائد على موسى. قيل: ويحتمل أن يعود على الملك الذي كان الطفل في ظاهر أمره من جملته. وقال ابن جريج: تأول القوم أن الضمير للطفل فقالوا لها: إنك قد عرفتيه، فأخبرينا من هو؟ فقالت: ما أردت، إلا أنهم ناصحون للملك، فتخلصت منهم بهذا التأويل. وفي الكلام حذف تقديره: فمرت بهم إلى أمه، فكلموها في إضاعة؛ أو فجاءت بأمه إليهم، فكلموها في شأنه، فأرضعته، فالتقم ثديها. ويروى أن فرعون قال لها: ما سبب قبول هذا الطفل ثديك، وقد أبى كل ثدي؟ فقالت: إني امرأة طيبة الريح، طيبة اللبن، لا أوتي بصبي إلا قبلني، فدفعه إليها، وذهبت به إلى بيتها، وأجرى لها كل يوم دينارا. وجاز لها أخذه لأنه مال حربي، فهو مباح، وليس ذلك أجرة رضاع. * (فرددناه إلى أمه) *، كما قال تعالى: * (إنا رادوه إليك) *، ودمع الفرح بارد، وعين المهموم حرى سخنة، وقال أبو تمام:
* فأما عيون العاشقين فأسخنت * وأما عيون الشامتين فقرت * لما أنجز تعالى وعده في الرد، ثبت عندها أنه سيكون نبيا رسولا. * (ولتعلم أن وعد الله حق) *، فعلنا ذلك. ولا يعلمون، أي أن وعد الله حق، فهم مرتابون فيه؛ أو لا يعلمون أن الرد إنما كان لعلمها بصدق وعد الله. ولكن أكثر الناس لا يعلمون بأن الرد كان لذلك، وفي قوله: * (ولتعلم أن وعد الله حق) * دلالة على ضعف من ذهب إلى أن الإيحاء إليها كان إلهاما أو مناما، لأن ذلك يبعد أن يقال فيه وعد. وقوله: ولتعلم وقوع ذلك فهو علم مشاهدة، إذ كانت عالمة أن ذلك سيكون، وأكثرهم هم القبط، ولا يعلمون سر القضاء. وقال الضحاك: لا يعلمون مصالحهم وصلاح عواقبهم. وقال الضحاك أيضا، ومقاتل: لا يعلمون أن الله وعدها رده إليها، وتقدم تفسير * (ولما بلغ أشده) * إلى * (المحسنين) * في سورة يوسف عليه السلام.
* (ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هاذا من شيعته وهاذا من عدوه فاستغاثه الذى) *. (سقط: من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو)
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»