تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٧ - الصفحة ١١١
تصور العدوان إنما هو في أحد الأجلين الذي هو أقصر، وهو المطالبة بتتمة العشر، فما معنى تعليق العدوان بهما جميعا؟ قلت: معناه: كما أني إن طولبت بالزيادة على العشر، كان عدوانا لا شك فيه، فكذلك إن طولبت في الزيادة على الثماني. أراد بذلك تقرير الخيار، وأنه ثابت مستقر، وأن الأجلين على السواء، إما هذا، وإما هذا من غير تفاوت بينهما في القضاء. وأما التتمة فموكولة إلى رأيي، إن شئت أتيت بها وإلا لم أجبر عليها. وقيل: معناه فلا أكون متعديا، وهو في نفي العدوان عن نفسه، كقولك: لا إثم علي ولا تبعة. انتهى، وجوابه الأول فيه تكثير. * (والله على ما نقول) *: أي على ما تعاهدنا عليه وتواثقنا، * (وكيل) *: أي شاهد. وقال قتادة: حفيظ. وقال ابن شجرة: رقيب، والوكيل الذي وكل إليه الأمر، فلما ضمن معنى شاهد ونحوه عدى بعلى.
* (فلما قضى موسى الاجل) *: جاء على النبي صلى الله عليه وسلم) أنه وفي أطول الأجلين، وهو العشر. وعن مجاهد: وفي عشر أو عشرا بعدها، وهذا ضعيف. * (وسار بأهله) *: أي نحو مصر بلده وبلد قومه. والخلاف فيمن تزوج، الكبرى أم الصغرى، وكذلك في اسمها. وتقدم كيفية مسيره، وإيناسه النار في سورة طه وغيرها. وقرأ الجمهور: جذوة، بكسر الجيم؛ والأعمش، وطلحة، وأبو حيوة، وحمزة: بضها؛ وعاص، غير الجعفي: بفتحها. * (لعلكم تصطلون) *: أي تتسخنون بها، إذ كانت ليلة باردة، وقد أضلوا الطريق.
* (فلما أتاها نودى من شاطىء الوادى الايمن فى البقعة المباركة من الشجرة أن ياموسى * موسى إنى * أنا الله رب العالمين * وأن ألق عصاك * وألق عصاك فلما رءاها تهتز كأنها جان ولى مدبرا * موسى * أقبل ولا تخف إنك من الامنين * اسلك يدك فى جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى) *.
من، في: من شاطىء، لابتداء الغاية، ومن الشجرة كذلك، إذ هي بدل من الأولى، أي من قبل الشجرة. والأيمن: يحتمل أن يكون صفة للشاطىء وللوادي، على معنى اليمن والبركة، أو الأيمن: يريد المعادل للعضو الأيسر، فيكون ذلك بالنسبة إلى موسى، لا للشاطىء، ولا للوادي، أي أيمن موسى في استقباله حتى يهبط الوادي، أو بعكس ذلك؛ وكل هذه الأقوال في الأيمن مقول. وقرأ الأشهب العقيلي، ومسلمة: في البقعة، بفتح الباء. قالأبو زيد: سمعت من العرب: هذه بقعة طيبة، بفتح الباء، ووصفت البقعة بالبركة، لما خصت به من آيات الله وأنواره وتكليمه لموسى عليه السلام، أو لما حوت من الأرزاق والثمار الطيبة. ويتعلق في البقعة بنودي، أو تكون في موضع الحال من شاطىء. والشجرة عناب، أو عليق، أو سمرة، أو عوسج، أقوال. وأن: يحتمل أن تكون حرف تفسير، وأن تكون مخففة من الثقيلة. وقرأت فرقة: * (إنى أنا) *، بفتح الهمزة، وفي إعرابه إشكال، لأن إن، إن كانت تفسيرية، فينبغي كسر إني، وإن
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»