تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٦ - الصفحة ٤٧
إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك * عليهم وكيلا * وربك أعلم بمن فى * السماوات والارض * ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وءاتينا * داوود * زبورا) *.
قيل: سبب نزولها أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه شتمه بعض الكفرة، فسبه عمر وهم بقتله فكاد يثير فتنة فنزلت الآية وهي منسوخة بآية السيف، وارتباطها بما قبلها أنه لما تقدم ما نسب الكفار لله تعالى من الولد، ونفورهم عن كتاب الله إذا سمعوه، وإيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم) ونسبته إلى أنه مسحور، وإنكار البعث كان ذلك مدعاة لإيذاء المؤمنين ومجلبة لبغض المؤمنين إياهم ومعاملتهم بما عاملوهم، فأمر الله تعالى نبيه أن يوصي المؤمنين بالرفق بالكفار واللطف بهم في القول، وأن لا يعاملوهم، فأمر الله تعالى نبيه أن يوصي المؤمنين بالرفق بالكفار واللطف بهم في القول، وأن لا يعاملوهم بمثل أفعالهم وأقوالهم، فعلى هذا يكون المعنى * (قل لعبادى) * المؤمنين * (يقولوا) * للمشركين الكلم * (التى هى أحسن) *. وقيل: المعنى * (يقولوا) * أي يقول بعض المؤمنين لبعض الكلم التي هي أحسن أي يجل بعضهم بعضا ويعظمه، ولا يصدر منه إلا الكلام الطيب والقول الجميل، فلا يكونوا مثل المشركين في معاملة بعضهم بعضا بالتهاجي والسباب والحروب والنهب للأموال والسبي للنساء والذراري.
وقيل: عبادي هنا المشركون إذ المقصود هنا الدعاء إلى الإسلام، فخوطبوا بالخطاب الحسن ليكون ذلك سببا إلى قبول الدين فكأنه قيل: قل للذين أقروا أنهم عباد لي يقولوا * (التى هى أحسن) * وهو توحيد الله تعالى وتنزيهه عن الولد واتخاذ الملائكة بنات فإن ذلك من نزغ الشيطان وسوسته وتحسينه. وقيل: عبادي شامل للفريقين المؤمنين والكافرين على ما يأتي تفسير * (التى هى أحسن) * والذي يظهر أن لفظة عبادي مضافة إليه تعالى كثر استعمالها في المؤمنين في القرآن كقوله * (فبشر * عبادى * الذين يستمعون القول) * * (فادخلى فى عبادى * عينا) * * (يشرب بها عباد الله) *.
و * (قل) * خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم)، وهو أمر، ومعمول القول محذوف تقديره قولوا * (التى هى أحسن) * وانجزم * (يقولوا) * على أنه جواب للأمر الذي هو قل قاله الأخفش، وهو صحيح المعنى على تقدير أن يكون عبادي يراد به المؤمنون لأنهم لمسارعتهم لامتثال أمر الله تعالى بنفس ما يقول لهم ذلك قالوا * (التى هى أحسن) *. وعن سيبويه إنه انجزم على جواب لشرط محذوف، أي إن يقل لهم * (يقولوا) * فيكون في قوله حذف معمول القول وحذف الشرط الذي * (يقولوا) * جوابه. وقال المبرد: انجزم جوابا للأمر الذي هو معمول * (قل) * أي قولوا * (التى هى أحسن) * * (يقولوا) *. وقيل معمول * (قل) * مذكور لا محذوف وهو * (يقولوا) * على تقدير لام الأمر وهو مجزوم بها قاله الزجاج. وقيل: * (يقولوا) * مبني وهو مضارع حل محل المبني الذي هو فعل الأمر فبني، والمعنى * (قل لعبادى) * قولوا قاله المازني، وهذه الأقوال جرت في قوله * (قل لعبادى الذين ءامنوا يقيموا الصلاة) * وترجيح ما ينبغي أن يرجح مذكور
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»