تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٦ - الصفحة ٤٤٦
مجيء لفظه للتفضيل بين الجنة والنار في الخير لأن الموقف جائز له أن يوقف محاوره على ما شاء ليرى هل يجيبه بالصواب أو بالخطأ، وإنما منع سيبويه وغيره من التفضيل إذا كان الكلام خبرا لأن فيه مخالفة، وأما إذا كان استفهاما فذلك سائغ انتهى. وما ذكره يخالفه قوله:
فشركما لخيركما الفداء وقوله * (السجن أحب إلى) * فإن هذا خبر. وكذلك قولهم: العسل أحلى من الخل إلا إن تقيد الخبر بأنه إذا كان واضحا الحكم فيه للسامع بحيث لا يختلج في ذهنه ولا يتردد أيهما أفضل فإنه يجوز. وضمير * (التى) * محذوف أي وعدها وضمير * (ما يشآءون) * كذلك أي ما يشاؤونه وفي قوله ما يشاؤنه دليل على أن حصول المرادات بأسرها لا تكون ألا في الجنة. وشمل قوله * (جزاء ومصيرا) * الثواب ومحله كما قال * (نعم الثواب وحسنت مرتفقا) * وفي ضده * (بئس الشراب وساءت مرتفقا) * لأنه بطيب المكان يتضاعف النعيم، كما أنه برداءته يتضاعف العذاب * (وعدا) * أي موعودا * (مسؤولا) * سألته الملائكة في قولهم * (ربنا وأدخلهم جنات عدن التى وعدتهم) * قاله محمد بن كعب والناس في قولهم * (ربنا وءاتنا ما وعدتنا على رسلك) * * (ربنا ءاتنا فى الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة) * وقال معناه ابن عباس وابن زيد.
وقال الفراء: * (وعدا * مسؤولا) * أي واجبا يقال لأعطينك ألفا وعدا مسؤولا أي واجبا، وإن لم يسأل. قيل: وما قاله الفراء محال انتهى. وليس محالا إذ يكون المعنى أنه ينبغي أن يسأل هذا الوعد الذي وعدته أو بصدد أن يسأل أي من حقه أن يكون مسؤولا. و * (على ربك) * أي بسبب الوعد صار لا بد منه. وقال الزمخشري: كان ذلك موعودا واجبا على ربك انجازه حقيقا أن يسأل. ويطلب لأنه جزاء وأجر مستحق، وهذا على مذهب المعتزلة.
2 (* (ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أءنتم أضللتم عبادى هاؤلاء أم هم ضلوا السبيل * قالوا سبحانك ما كان ينبغى لنآ أن نتخذ من دونك من أوليآء ولاكن متعتهم وءابآءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا * فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفا ولا نصرا ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا * ومآ أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون فى الا سواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا * وقال الذين لا يرجون لقآءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا فىأنفسهم وعتوا عتوا كبيرا * يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا * وقدمنآ إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هبآء منثورا * أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا) *)) 2 * (ويوم نحشرهم * وما يعبدون من دون الله فيقول أءنتم أضللتم عبادى هؤلاء أم هم ضلوا السبيل * قالوا سبحانك ما كان ينبغى لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولاكن متعتهم وءاباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا) *
(٤٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 ... » »»