تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٦ - الصفحة ٤٣٣
الدخول علينا في هذه الساعة إلا بإذن. ثم انطلق إلى الرسول فوجد هذه الآية قد نزلت فخر ساجدا. وقيل: نزلت في أسماء بنت أبي مرثد قيل: دخل عليها غلام لها كبير في وقت كرهت دخوله، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم) فقالت: إن خدمنا وغلماننا يدخلون علينا حالا نكرهها.
* (ليستأذنكم) * أمر والظاهر حمله على الوجوب والجمهور على الندب. وقيل: بنسخ ذلك إذ صار للبيوت أبواب روي ذلك عن ابن عباس وابن المسيب والظاهر عموم * (الذين ملكت أيمانكم) * في العبيد والإماء دون العبيد. * (والذين لم يبلغوا الحلم منكم) * عام في الأطفال عبيد كانوا أو أحرارا. وقرأ الحسن وأبو عمر وفي رواية وطلحة * (الحلم) * بسكون اللام وهي لغة تميم. وقيل * (منكم) * أي من الأحرار ذكورا كانوا أو إناثا. والظاهر من قوله * (ثلاث مرات) * ثلاث استئذانات لأنك إذا ضربت ثلاث مرات لا يفهم منه إلا ثلاث ضربات ويؤيده قوله عليه الصلاة والسلام: (الاستئذان ثلاث) والذي عليه الجمهور أن معنى * (ثلاث مرات) * ثلاث أوقات وجعلوا ما بعده من ذكر تلك الأوقات تفسيرا لقوله * (ثلاث مرات) * ولا يتعين ذلك بل تبقى * (ثلاث مرات) * على مدلولها.
* (من قبل صلواة الفجر) * لأنه وقت القيام من المضاجع وطرح ما ينام فيه من الثياب ولبس ثياب اليقظة وقد ينكشف النائم. * (وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة) * لأنه وقت وضع الثياب للقائلة لأن النهار إذ ذاك يشتد حره في ذلك الوقت. و * (من) * في * (من الظهيرة) * قال أبو البقاء: لبيان الجنس أي حين ذلك هو الظهيرة، قال: أو بمعنى من أجل حر الظهيرة و * (حين) * معطوف على موضع * (من قبل) * * (ومن بعد صلواة العشاء) * لأنه وقت التجرد من ثياب اليقظة والالتحاف بثياب النوم * (ثلاث عورات لكم) * سمى كل واحد منها عورة لأن الناس يختل تسترهم وتحفظهم فيها، والعورة الخلل ومنه أعور الفارس وأعور المكان، والأعور المختل العين. وقرأ حمزة والكسائي * (ثلاث) * بالنصب قالوا: بدل من * (ثلاث عورات) * وقدره الحوفي والزمخشري وأبو البقاء أوقات * (ثلاث عورات) * وقال ابن عطية: إنما يصح يعنى البدل بتقدير أوقات * (عورات) * فحذف المضاف وقيم المضاف إليه مقامه. وقرأ باقي السبعة بالرفع أي هن * (ثلاث عورات) * وقرأ الأعمش * (عورات) * بفتح الواو وتقدم أنها لغة هذيل بن مدركة وبني تميم وعلى رفع * (ثلاث) *.
قال الزمخشري: يكون * (ليس عليكم) * الجملة في محل رفع على الوصف والمعنى هن * (ثلاث عورات) * مخصوصة بالاستئذان، وإذا نصبت لم يكن له محل وكان كلاما مقررا بالاستئذان في تلك الأحوال خاصة.
* (بعدهن) * أي بعد استئذانهم فيهن حذف الفاعل وحرف الجر بفي بعد استئذانهن ثم حذف المصدر وقيل * (ليس) * على العبيد والإماء ومن لم يبلغ الحلم في الدخول * (عليكم) * بغير استئذان * (جناح) * بعد هذه الأوقات الثلاث * (طوفون عليكم) * يمضون ويجيؤون وهو خبر مبتدأ محذوف تقديره هم * (طوفون) * أي المماليك والصغار * (طوفون عليكم) * أي يدخلون عليكم في المنازل غدوة وعشية بغير إذن إلا في تلك الأوقات. وجوزوا في * (بعضكم على بعض) * أن يكون مبتدأ وخبرا لكن الجر قدروه طائف على بعض وهو كون مخصوص فلا يجوز حذفه. قال الزمخشري: وحذف لأن طوافون يدل عليه وأن يكون مرفوعا بفعل محذوف تقديره يطوف بعضكم. وقال ابن عطية * (بعضكم) * بدل من قوله * (طوفون) * ولا يصح لأنه إن أراد بدلا من * (طوفون) * نفسه فلا يجوز لأنه يصير التقدير هم * (بعضكم على بعض) * وهذا معنى لا يصح. وإن جعلته بدلا من الضمير في * (طوفون) * فلا يصح أيضا إن قدر الضمير ضمير غيبة لتقدير المبتدأ هم لأنه يصير التقدير هم يطوف * (بعضكم على بعض) * وهو لا يصح. فإن جعلت التقدير أنتم يطوف * (عليكم بعضكم على بعض) * فيدفعه أن قوله * (عليكم) * بدل على أنهم هم المطوف عليهم، وأنتم طوافون، يدل على أنهم طائفون فتعارضا. وقرأ ابن أبي عبلة طوافين بالنصب على الحال من ضمير * (عليهم) *. وقال الحسن: إذا بات الرجل خادمه معه فلا استئذان عليه ولا في هذه الأوقات الثلاثة.
* (وإذا بلغ الاطفال) * أي من أولادكم وأقربائكم * (فليستأذنوا) * أي في كل الأوقات فإنهم قبل البلوغ كانوا يستأذنون في ثلاث الأوقات. * (كما استأذن الذين من قبلهم) * يعني البالغين. وقيل: الكبار من أولاد الرجل وأقربائه. ودل ذلك على أن الابن والأخ البالغين كالأجنبي في ذلك وتكلموا هنا
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»