تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٦ - الصفحة ٤٢٩
* ومنهل من الفلافي أوسطه * غلسته قبل القطا وفرطه * أراد قبل فرط القطا انتهى. أي قبل تقدم القطا إليه. وقرأ أبو جعفر * (ليحكم) * في الموضعين مبنيا للمفعول و * (إذا) * الثانية للفجاءة. جواب * (إذا) * الأولى الشرطية، وهذا أحد الدلائل على أن الجواب لا يعمل في إذا الشرطية خلافا للأكثرين من النحاة، لأن إذا الفجائية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها. وقد أحكم ذلك في علم النحو. والظاهر أن * (إليه) * متعلق بيأتوا. والضمير في * (إليه) * عائد على الرسول صلى الله عليه وسلم). وأجاز الزمخشري أن يتعلق * (إليه) * بمذعنين قال: لأنه بمعنى مسرعين في الطاعة وهذا أحسن لتقدم صلته ودلالته على الاختصاص. وقد رددنا عليه ذلك وفي ما رجح تهيئة العامل للعمل وقطعه عن العمل وهو مما يضعف، والمعنى أنهم لمعرفتهم أنه ليس معه إلا الحق المر والعدل البحت يزورون عن المحاكمة إليك إذا ركبهم الحق لئلا تنزعه منهم بقضائك عليهم لخصومهم، وإن ثبت لهم الحق على خصم أسرع إليك كلهم ولم يرضوا إلا بحكومتك.
* (أفى قلوبهم مرض * أو ارتابوا أم يخافون) * * (أم) * هنا منقطعة والتقدير: بل ارتابوا بل أيخافون وهو استفهام توقيف وتوبيخ، ليقروا بأحد هذه الوجوه التي عليهم في الإقرار بها ما عليهم، وهذا التوقيف يستعمل في الأمور الظاهرة مما يوبخ به ويذم، أو مما يمدح به وهو بليغ جدا فمن المبالغة في الذم. قول الشاعر:
* ألست من القوم الذين تعاهدوا * على اللؤم والفحشاء في سالف الدهر * ومن المبالغة في المدح. قول جرير:
* ألستم خير من ركب المطايا * وأندى العالمين بطون راح * وقسم تعالى جهات صدودهم عن حكومته فقال * (أفى قلوبهم مرض) * أي نفاق وعدم إخلاص * (أم ارتابوا) * أي عرضت لهم الريبة والشك في نبوته بعد أن كانوا مخلصين * (أم يخافون) * أي يعرض لهم الخوف من الحيف في الحكومة، فيكون ذلك ظلما لهم. ثم استدرك ببل أنهم * (هم الظالمون) *.
وقرأ علي وابن أبي إسحاق والحسن * (إنما كان قول) * بالرفع والجمهور بالنصب. قال الزمخشري: والنصب أقوى لأن أولى الاسمين بكونه اسما لكان أو غلهما في التعريف و * (أن يقولوا) * أو غل
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»