تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٦ - الصفحة ١٩٤
شيئا بهذا الاسم سوى الله. وقال مجاهد وابن جبير وقتادة * (سميا) * مثلا وشبيها، وروي ذلك عن ابن عباس أيضا. قال ابن عطية: وكان السمي بمعنى المسامي والمضاهي فهو من السمو، وهذا قول حسن ولا يحسن في ذكر يحيى انتهى. يعني لم نجعل له من قبل * (سميا) *. وقال غيره: يقال فلان سمي فلان إذا شاركه في اللفظ، وسميه إذا كان مماثلا له في صفاته الجميلة ومناقبه. ومنه قول الشاعر:
* فأنت سمي للزبير ولست للزبير سميا إذ غدا ما له مثل * وقال الزجاج: هل تعلم أحدا يستحق أن يقال له خالق وقادرا إلا هو. وقال الضحاك: ولدا ردا على من يقول ولد الله.
* (ويقول الإنسان) *.
قيل: سبب النزول أن رجلا من قريش قيل هو أبي بن خلف جاء بعظم رفات فنفخ فيه، وقال للرسول: أيبعث هذا؟ وكذب وسخر، وإسناد هذه المقالة للجنس بما صدر من بعضهم. كقول الفرزدق:
* فسيف بني عبس وقد ضربوا به * نبا بيدي ورقاء عن رأس خالد أسند الضرب إلى بني عبس مع قوله نبا بيدي، ورقاء وهو ورقاء بن زهير بن جذيمة العبسي، أو للجنس الكافر المنكر للبعث أو المعنى أبي بن خلف، أو العاصي بن وائل، أو أبو جهل، أو الوليد بن المغيرة أقوال.
* وقرأ الجمهور * (* أئذا) * بهمزة الاستفهام. وقرأت فرقة منهم ابن ذكوان بخلاف عنه إذا بدون همزة الاستفهام. وقرأ الجمهور * (مت لسوف) * باللام. وقرأ طلحة بن مصرف سأخرج بغير لام وسين الاستقبال عوض سوف، فعلى قراءته تكون إذا معمولا لقوله سأخرج لأن حرف التنفيس لا يمنع من عمل ما بعده من الفعل فيما قبله، على أن فيه خلافا شاذا وصاحبه محجوج بالسماع. قال الشاعر:
* فلما رأته آمنا هان وجدها * وقالت أبونا هكذا سوف يفعل * فهكذا منصوب بينفعل وهو بحرف الاستقبال. وحكى الزمخشري أن طلحة بن مصرف قرأ لسأخرج، وأما على قراءة الجمهور وما نقله الزمخشري من قراءة طلحة فاللام لام الابتداء فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها، فيقدر العالمل محذوفا من معنى * (لسوف أخرج) * تقديره إذا ما مت أبعث.
وقال الزمخشري: فإن قلت لام الابتداء الداخلة على المضارع تعطي معنى الحال، فكيف جامعت حرف الاستقبال؟ قلت: لم تجامعها إلا مخلصة للتوكيد كما أخلصت الهمزة في يا الله للتعويض، واضمحل عنها معنى التعريف انتهى.
وما ذكر من أن اللام تعطي معنى الحال
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»