مخالف فيه، فعلى مذهب من لا يقول ذلك يسقط السؤال، وأما قوله كما أخلصت الهمزة إلى آخره فليس ذلك إلا على مذهب من يزعم أن الأصل فيه أله، وأما من يزعم أن أصله لاه فلا تكون الهمزة فيه للتعويض إذ لم يحذف منه شيء، ولو قلنا إن أصله إله وحذفت فاء الكلمة لم يتعين أن الهمزة فيه في النداء للتعويض، إذ لو كانت للعوض من المحذوف لثبتت دائما في النداء وغيره، ولما جاز حذفها في النداء قالوا: يا الله بحذفها وقد نصوا على أن قطع همزة الوصل في النداء شاذ. وقال ابن عطية: واللام في قوله * (لسوف) * مجلوبة على الحكاية لكلام تقدم بهذا المعنى كأن قائلا قال للكافر: إذا مت يا فلان لسوف تخرج حيا، فقرر الكلام على الكلام على جهة الاستبعاد، وكرر اللام حكاية للقول الأول انتهى. ولا يحتاج إلى هذا التقدير ولا أن هذا حكاية لقول تقدم، بل هذا من الكافر استفهام فيه معنى الجحد والإنكار، ومن قرأ إذا ما أن تكون حذفت الهمزة لدلالة المعنى عليه، وإما أن يكون إخبارا على سبيل الهزء والسخرية بمن يقول ذلك إذ لم يرد به مطابقة للفظ للمعنى. وقرأ الجمهور * (أخرج) * مبنيا للمفعول. وقرأ الحسن وأبو حيوة مبنيا للفاعل. وقال الزمخشري: وإيلاؤه أي وإيلاء الظرف حرف الإنكار من قبل أن ما بعد الموت هو وقت كون الحياة منكرة، ومنه جاء إنكارهم فهو كقولك للمسيء إلى المحسن أحين تمت عليك نعمة فلأن أسأت إليه.
وقرأ أبو بحرية والحسن وشيبة وابن أبي ليلى وابن مناذر وأبو حاتم ومن السبعة عاصم وابن عامر ونافع * (أو لا * يذكر) * خفيفا مضارع ذكر. وقرأ باقي السبعة بفتح الذال والكاف وتشديدهما أصله يتذكر أدغم التاء في الذال. وقرأ أبي يتذكر على الأصل. قال الزمخشري: الواو عاطفة لا يذكر على يقول، وسطت همزة الإنكار بين المعطوف عليه وحرف العطف انتهى. وهذا رجوع منه إلى مذهب الجماعة من أن حرف العطف إذا تقدمته الهمزة فإنما عطف ما بعدها على ما قبلها، وقدمت الهمزة لأن لها صدر الكلام، وكان مذهبه أن يقدر بين الهمزة والحرف ما يصلح أن يعطف عليه ما بعد الواو الهمزة على حالها، وليست مقدمة من تأخير وقد رددنا عليه هذه المقالة.
* (أنا خلقناه من قبل) * أي أنشأناه واخترعناه من العدم الصرف إلى الوجود، فكيف ينكر النشأة الثانية وهذه الحجة في غاية الاختصار والإلزام للخصم، ويسمى هذا النوع الاحتجاج النظري وبعضهم يسميه المذهب الكلامي، وقد تكرر هذا الاحتجاج في القرآن: * (ولم يك شيئا) * إشارة إلى العدم الصرف وانتفاء الشيئية عنه يدل على أن المعدوم لا يسمى شيئا. وقال أبو علي الفارسي: * (ولم يك شيئا) * موجود أو هي نزعة اعتزالية والمحذوف المضاف إليه * (قبل) * في التقدير قدره بعضهم * (من قبل) * بعثه، وقدره الزمخشري * (من قبل) * الحالة التي هو فيها وهي حالة بقائه انتهى.
ولما أقام تعالى الحجة الدامغة على حقية البعث أقسم على ذلك باسمه مضافا إلى رسوله تشريفا له وتفخيما، وقد تكرر هذا القسم في القرآن تعظيما لحقه ورفعا منه كما رفع من شأن السماء والأرض بقوله * (فورب السماء والارض إنه لحق) * والواو في * (والشياطين) * للعطف أو بمعنى مع يحشرون مع قرنائهم من الشياطين الذين أغووهم، يقرن كل كافر مع شيطان في سلسلة وهذا إذا كان الضمير في * (لنحشرنهم) * للكفرة وهو قول ابن عطية وما جاء بعد ذلك فهو من الإخبار عنهم وبدأ به الزمخشري، والظاهر أنه عام للخلق كلهم مؤمنهم وكافرهم ولم يفرق بين المؤمنين والكافرين كما فرق في الجزاء، وأحضروا جميعا وأوردوا النار ليعاين المؤمنون الأهوال التي نجوا منها فيسروا بذلك ويشمتوا بأعدائهم الكفار، وإذا كان الضمير عاما فالمعنى يتجاثون عند موافاة شاطىء جهنم كما كانوا في الموقف متجاثين لأنه من توابع التوافق للحساب قبل الوصول إلى الثواب والعقاب. وقال تعالى في حالة الموقف * (وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها) * و * (جثيا) * حال مقدرة. وعن ابن عباس: قعودا، وعنه