تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٦ - الصفحة ١٣١
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج انتهى. وفي مصحف عبد الله ملاقوها مكان * (مواقعوها) * وقرأه كذلك الأعمش وابن غزوان عن طلحة، والأولى جعله تفسيرا لمخالفة سواد المصحف. وعن علقمة أنه قرأ ملافوها بالفاء مشددة من لففت. وفي الحديث: (إن الكافر ليرى جهنم ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة). ومعنى * (مصرفا) * معدلا ومراعا. ومنه قول أبي كبير الهذلي:
* أزهير هل عن شيبة من مصرف * أم لا خلود لباذل متكلف وأجاز أبو معاذ * (مصرفا) * بفتح الراء وهي قراءة زيد بن علي جعله مصدرا كالمضرب لأن مضارعه يصرف على يفعل كيصرف.
* * (ولقد صرفنا فى هاذا القرءان للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شىء جدلا * وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الاولين أو يأتيهم العذاب قبلا) *.
تقدم تفسير نظير صدر هذه الآية: و * (شىء) * هنا مفرد معناه الجمع أي أكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدال إن فصلتها واحدا بعد واحد. * (جدلا) * خصومة ومماراة يعني إن جدل الإنسان أكثر من جدل كل شيء ونحوه، فإذا هو خصيم مبين. وانتصب * (جدلا) * على التمييز. قيل: * (الإنسان) * هنا النضر بن الحارث. وقيل: ابن الزبعري. وقيل: أبي بن خلف، وكان جداله في البعث حين أتى بعظم فذره، فقال: أيقدر الله على إعادة هذا؟ قاله ابن السائب. قيل: كل من يعقل من ملك وجن يجادل و * (الإنسان أكثر) * هذه الأشياء * (جدلا) * انتهى.
وكثيرا ما يذكر الإنسان في معرض الذم وقد تلا الرسول صلى الله عليه وسلم) قوله: * (وكان الإنسان أكثر شىء جدلا) * حين عاتب عليا كرم الله وجهه على النوم عن صلاة الليل، فقال له علي: إنما نفسي بيد الله، فاستعمل * (الإنسان) * على العموم. وفي قوله * (وما منع الناس) * الآية تأسف
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»