ولا تعنيف كما قال * (وجادلهم بالتى هى أحسن) *. وقال ابن زيد: * (مرآء ظاهرا) * هو قولك لهم ليس كما تعلمون. وحكي الماوردي إلا بحجة ظاهرة. وقال ابن الأنباري: إلا جدال متيقن عالم بحقيقة الخبر، والله تعالى ألقي إليك ما لا يشوبه باطل. وقال ابن بحر: * (ظاهرا) * يشهده الناس. وقال التبريزي: * (ظاهرا) * ذاهبا بحجة الخصم. وأنشد:
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها أي ذاهب، ثم نهاه أن يسأل أحدا من أهل الكتاب عن قصتهم لا سؤال متعنت لأنه خلاف ما أمرت به من الجدال بالتي هي أحسن، ولا سؤال مسترشد لأنه تعالى قد أرشدك بأن أوحي إليك قصتهم، ثم نهاه أن يخبر بأنه يفعل في الزمن المستقبل شيئا إلا ويقرن ذلك بمشيئة الله تعالى، وتقدم في سبب النزول أنه عليه السلام حين سأله قريش عن أهل الكهف والخضر والروح قال: (غدا أخبركم). ولم يقل إن شاء الله، فتأخر عنه الوحي مدة. قيل: خمسة عشر يوما. وقيل: أربعين و * (إلا أن يشاء الله) * استثناء لا يمكن حمله على ظاهره لأنه يكون داخلا تحت القول، فيكون من ينهي عنه، فاحتيج في تأويل هذا الظاهر إلى تقدير.
فقال ابن عطية: في الكلام حذف يقتضيه الظاهر ويحسنه الإيجاز تقديره إلا أن تقول * (إلا أن يشاء الله) * أو إلا أن تقول إن شاء الله، فالمعنى إلا أن تذكر مشيئة الله فليس * (إلا أن يشاء الله) * من القول الذي نهى عنه. وقال الزمخشري: * (إلا أن يشاء الله) * متعلق بالنهي لا بقوله * (إنى فاعل) * لأنه لو قال * (إنى فاعل) * كذا * (إلا أن يشاء الله) * كان معناه إلا أن تعترض مشيئة الله دون فعله، وذلك ما لا مدخل فيه للنهي وتعلقه بالنهي على وجهين.
أحدهما: ولا تقولن ذلك القول إلا أن يشاء الله أن تقوله بأن ذلك فيه.
والثاني: ولا تقولنه إلا بأن يشاء الله أي إلا بمشيئته وهو في موضع الحال، أي إلا ملتبسا بمشيئة الله قائلا إن شاء الله. وفيه وجه ثالث وهو أن يكون إلا أن يشاء الله في معنى كلمة ثانية كأنه قيل: ولا تقولنه أبدا ونحوه * (وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا) * لأن عودهم في ملتهم مما لن يشاء الله، وهذا نهي تأديب من الله لنبيه حين قال: (ائتوني غدا أخبركم). ولم يستثن انتهى.
قال ابن عطية: وقالت فرقة هو استثناء من قوله * (ولا تقولن) * وحكاه الطبري، ورد عليه وهو من الفساد من حيث كان الواجب أن لا يحكي انتهى. وتقدم تخريج الزمخشري: ذلك على أن يكون متعلقا بالنهي، وتكلم المفسرون في هذه الآية في الاستثناء في اليمين، وليست الآية في الإيمان والظاهر أمره تعالى بذكر الله إذا عرض له نسيان، ومتعلق النيسان غير متعلق الذكر. فقيل: التقدير * (واذكر ربك) * إذا تركت بعض ما أمرك به. وقيل واذكره إذا اعتراك النسيان ليذكرك المنسي، وقد حمل قتادة ذلك على أداء الصلاة المنسية عند ذكرها. وقيل: * (واذكر ربك) * بالتسبيح والاستغفار * (إذا نسيت) * كلمة الاستثناء تشديدا في البعث على الاهتمام بها. وقيل: * (واذكر) * مشيئة * (ربك) * إذا فرط منك نسيان لذلك أي * (إذا نسيت) * كلمة الاستثناء ثم تنبهت لها، فتداركتها بالذكر قاله ابن جبير. قال: ولو بعد يوم أو شهر أو سنة. وقال ابن الأنباري: بعد تقضي النسيان كما تقول: اذكر لعبد الله إذا صلى صاحبك أي إذا قضى الصلاة.
والإشارة بقوله لأقرب من هذا إلى الشيء المنسي أي * (اذكر * ربك) * عند نسيانه بأن تقول * (عسى أن * يهدينى * ربى) * لشيء آخر بدل هذا المنسي أقرب منه