تكون مصدرية أي: بأن آمنوا أي: بالإيمان. والظاهر أن الخطاب للمنافقين أي: آمنوا بقلوبكم كما آمنتم بألسنتكم. قيل: ويحتمل أن يكون خطابا للمؤمنين ومعناه: الاستدامة والطول. قال ابن عباس والحسن: الغنى. وقيل: القوة والقدرة. وقال الأصم: أولو الطول الكبراء والرؤساء. وأولو الأمر منهم أي: من المنافقين كعبد الله بن أبي، والجد بن قيس، ومعتب بن قشير، وإضرابهم. وأخص أولو الطول لأنهم القادرون على التنفير والجهاد، ومن لا مال له، ولا قدرة لا يحتاج إلى الاستئذان، والاستئذان مع القدرة على الحركة أقبح وأفحش. والمعنى: استأذنك أولو الطول منهم في القعود، وفي استأذنك التفات، إذ هو خروج من لفظ الغيبة وهو قوله: ورسوله، إلى ضمير الخطاب. وقالوا: درنا نكن مع القاعدين الزمني وأهل العذر، ومن ترك لحراسة المدينة، لأن ذلك عذر. وفي قوله: رضوا بأن يكونوا مع الخوالف، تهيجن لهم، ومبالغة في الذم. والخوالف: النساء قاله: الجمهور كابن عباس، ومجاهد وقتادة، وشمر بن عطية، وابن زيد، والفراء، وذلك أبلغ في الذم كما قال:
* وما أدري وسوف إخال أدري * أقوم آل حصن أم نساء * * فإن تكن النساء مخبآت * فحق لكل محصنة هداء * وقال آخر:
* كتب القتل والقتال علينا * وعلى الغانيات جر الذيول * فكونهم رضوا بأن يكونوا قاعدين مع النساء في المدينة أبلغ ذم لهم وتهجين، لأنهم نزلوا أنفسهم منزلة النساء العجزة اللواتي لا مدافعة عندهن ولا غنى. وقال النضر بن شميل: الخوالف من لا خير فيه. وقال النحاس: يقال للرجل الذي لا خير فيه خالفة، وهذا جمعه بحسب اللفظ، والمراد أخساء الناس وأخلافهم. وقالت فرقة: الخوالف جمع خالف، فهو جار مجرى فوارس ونواكس وهوالك، والظاهر أن قوله: وطبع خبر من الله بما فعل بهم. وقيل: هو استفهام أي: أو طبع على قلوبهم، فلأجل الطبع لا يفقهون ولا يتدبرون ولا يتفهمون ما في الجهاد من الفوز والسعادة، وما في التخلف من الشقاء والضلال.
* (ولاكن * الرسول والذين ءامنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون * أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ذالك