تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٧٣
نار جهنم) * ولما ذكر أمر الجهاد، وكان الكفار غير المنافقين أشد شكيمة وأقوى أسبابا في القتال وإنكاء بتصديهم للقتال، قال: جاهد الكفار والمنافقين فبدأ بهم. قال ابن عباس وغيره: جاهد الكفار بالسيف، والمنافقين باللسان. وقال الحسن وقتادة: والمنافقين بإقامة الحدود عليهم إذا تعاطوا أسبابها. وقال ابن مسعود: جاهدهم باليد، فإن لم تستطع فباللسان، فإن لم تستطع فبالقلب، وإلا كفرار في وجوههم، وأغلظ عليهم في الجهادين. والغلظ ضد الرقة، والمراد خشونة الكلام وتعجيل الانتقام على خلاف ما أمر به في حق المؤمنين. واخف جناحك للمؤمنين وكل من وقف منه على فساد في العقائد، فهذا حكمه يجاهد بالحجة، ويستعمل معه الغلظ ما أمكن.
* (*) * ولما ذكر أمر الجهاد، وكان الكفار غير المنافقين أشد شكيمة وأقوى أسبابا في القتال وإنكاء بتصديهم للقتال، قال: جاهد الكفار والمنافقين فبدأ بهم. قال ابن عباس وغيره: جاهد الكفار بالسيف، والمنافقين باللسان. وقال الحسن وقتادة: والمنافقين بإقامة الحدود عليهم إذا تعاطوا أسبابها. وقال ابن مسعود: جاهدهم باليد، فإن لم تستطع فباللسان، فإن لم تستطع فبالقلب، وإلا كفرار في وجوههم، وأغلظ عليهم في الجهادين. والغلظ ضد الرقة، والمراد خشونة الكلام وتعجيل الانتقام على خلاف ما أمر به في حق المؤمنين. واخف جناحك للمؤمنين وكل من وقف منه على فساد في العقائد، فهذا حكمه يجاهد بالحجة، ويستعمل معه الغلظ ما أمكن.
* (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن) *: الضمير عائد على المنافقين. فقيل: هو حلف الجلاس، وتقدمت قصته مع عامر بن قيس. وقيل: حلف عبد الله بن أبي أنه ما قال * (لئن رجعنا إلى المدينة) * الآية. وقال الضحاك: حلفهم حين نقل حذيفة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم) أصحابه وإياه في خلوتهم، وأما وهموا بما لم ينالوا فنزلت قيل: في ابن أبي في قوله: ليخرجن، قاله قنادة، وروي عن ابن عباس. وقيل: بقتل الرسول، والذي هم به رجل يقال له: الأسود من قريش، رواه مجاهد عن ابن عباس. وقال مجاهد: نزلت في خمسة عشر هموا بقتله وتوافقوا على أن يدفعوه عن راحلته إلى الوادي إذ اتسم العقبة، فأخذ عمار بن ياسر بخطام راحلته يقودها، وحذيفة خلفها يسوقها، فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة يوقع إخفاف الإبل وقعقعة السلاح، فالتفت فإذا قوم متلثمون فقال: إليكم يا أعداء الله فهربوا، وكان منهم عبد الله بن أبي، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وطعيمة بن أبيرق، والجلاس بن سويد، وأبو عامر بن نعمان، وأبو الأحوص. وقيل: همهم بما لم ينالوا، هو أن يتوجوا عبد الله بن أبي إذا رجعوا من غزوة تبوك يباهون به الرسول صلى الله عليه وسلم)، فلم ينالوا ما هموا به، فنزلت. وعن ابن عباس: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم) جالسا في ظل شجرة فقال: إنه سيأتلكم إنسان فينظر إليكم شيطان، فإذا جاء فلا تكلموه، فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق فدعاه فقال: علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فانطلق لرجل فجاء بأصحابه، فحلفوا بالله ما قالوا، فأنزل الله هذه الآية.
وكلمة الكفر قول ابن أبي لما شاور الجهجاه الغفاري وسنان بن وبرة الجهني، وقد كسع أحدهما رجل الآخر في غزوة المريسيع، فصاح الجهجاه: يا للأنصار، وصاح سنان: يا للمهاجرين، فثار الناس، وهدأهم الرسول فقال ابن أبي: ما أرى هؤلاء إلا قد تداعوا علينا ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال الأول: سمن كلبك يأكلك، أو الاستهزاء ، أو قول الجلاس المتقدم، أو قولهم: نعقد التاج، أو قولهم: ليس بنبي، أو القول: لئن رجعنا إلى المدينة أقوال. وكفروا: أي أظهروا الكفر بعد إسلامهم أي إظهار إسلامهم. ولم يأت التركيب بعد إيمانهم لأن ذلك لم يتجاوز ألسنتهم. والهم دون العزم، وتقدم الخلاف في الهام والمهموم به. وقيل: هو هم المنافقين أو الجلاس بقتل ناقل حديث الجلاس إلى
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»