الزمخشري: ناقص عن القيمة نقصا ظاهرا. وقال ابن قتيبة: البخس الخسيس الذي بخس به البائع. وقال قتادة: بخس ظلم، لأنهم ظلموه في بيعه. وقال ابن عباس وقتادة أيضا في آخرين: بخس حرام. وقال ابن عطاء: إنما جعله بخسا لأنه عوض نفس شريفة لا تقابل بعوض وإن جل انتهى. وذلك أن الذين باعوه إن كانوا الواردة فإنهم لم يعطوا به ثمنا، فما أخذوا فيه ربح كله وإن كانوا إخوته، فالمقصود خلو وجه أبيهم منه لا ثمنه. ودراهم بدل من ثمن، فلم يبيعوه بدنانير. ومعدودة إشارة إلى القلة، وكانت عادتهم أنهم لا يزنون إلا ما بلغ أوقية وهي أربعون درهما، لأن الكثيرة يعسر فيها العد، بخلاف القليلة. قال عكرمة في رواية عن ابن عباس وابن إسحاق: أربعون درهما. وقيل: ثلاثون درهما، ونعلام وحلة. وقال السدي: كانت اثنين وعشرين درهما، كذا نقله الزمخشري عنه، ونقله ابن عطية عن مجاهد: أخذها أخوته درهمين درهمين، وصاحب التحرير عنه، وعن ابن عباس. وقال ابن مسعود وابن عباس في رواية، وعكرمة في رواية، ونوف الشامي، ووهب، والشعبي، وعطية، والسدي، ومقاتل في آخرين: عشرون درهما. وعن ابن عباس أيضا: عشرون، وحلة، ونعلان. وقيل: ثمانية عشر درهما اشتروا بها أخفافا ونعالا. وقيل: عشرة دراهم، والظاهر عود الضمير في فيه إلى يوسف أي: لم يعلموا مكانه من الله تعالى قاله: الضحاك، وابن جريج. وقيل: يعود على الثمن، وزهدهم فيه لرداءة الثمن، أو لقصد إبعاد يوسف لا الثمن. وهذا إذا كان الضمير في وشروه وكانوا عائدا على أخوة يوسف، فأما إذا كان عائدا على السيارة فزهدهم فيه لكونهم ارتابوا فيه، أو لوصف أخوته بالخيانة والاباف، أو لعلمهم أنه حر. وقال الزمخشري: من الزاهدين، ممن يرغب عما في يده فيبيعه بما طف من الثمن، لأنهم التقطوه، والملتقط للشيء متهاون به لا يبالي بما باعه، ولأنه يخاف أن يعرض له مستحق فينزعه من يده فيبيعه من أول مساوم بأوكس الثمن. ويجوز أن يكون معنى وشروه اشتروه، يعني الرفقة من أخوته. وكانوا فيه من الزاهدين لأنهم اعتقدوا فيه أنه آبق، فخافوا أن يخاطروا بما لهم فيه. ويروى أن أخوته اتبعوهم يقولون: استوثقوا منه لا يأبق انتهى. وفيه تقدم نظيره في * (إني لكما لمن الناصحين) * وأنه خرج تعلق الجار إما باعني مضمره، أو بمحذوف يدل عليه من الزاهدين. أي: وكانوا زاهدين فيه من الزاهدين، أو بالزاهدين لأنه يتسامح في الجار والظرف. فجوز فيهما ما لا يجوز في غيرهما.
وقال الذي اشتراه من مصر: ذكروا أقوالا متعارضة فيمن اشتراه، وفي الثمن الذي اشتراه به، ولا يتوقف تفسير كتاب الله على تلك الأقوال المتعارضة. فقيل: اشتراه رجل من العماليق وقد آمن بيوسف، ومات في حياة يوسف. قيل: وهو إذ ذاك الملك بمصر، واسمه الريان بن الوليد بن بروان بن أراشه بن فاران بن عمرو بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح، فملك بعده قابوس بن مصعب بن تمر بن السلواس بن فاران بن عمرو المذكور في نسب الريان، فدعاه يوسف إلى الإيمان فأبى، فاشتراه العزيز وهو ابن سبع عشرة سنة، وأقام في منزله ثلاث عشرة سنة، واستوزره الريان بن الوليد وهو ابن ثلاثين سنة، وآتاه الله الحكمة والعلم وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، وتوفي وهو ابن مائة وعشرين سنة. وقيل: كان الملك في أيامه فرعون موسى عاش أربعمائة سنة، بدليل قوله: * (ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات) * وقيل: فرعون موسى من أولاد فرعون يوسف، وقيل: عرض في السوق وكان أجمل الناس، فوقعت فيه مزايدة حتى بلغ ثمنا عظيما. فقيل: وزنه من ذهب ومن فضة ومن حرير، فاشتراه العزيز وهو كان صاحب الملك وخازنه، واسم الملك الريان بن الوليد. وقيل: مصعب بن الريان، وهو أحد الفراعنة، واسم العزيز قطفير، قاله ابن عباس، وقيل: اطفير، وقيل: قنطور، واسم امرأته راعيل، وقيل: زليخا.