تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ١٢٦
والزبور، فيكون الآيات القصص التي وصفت في تلك الكتب. وقال الزجاج: إشارة إلى آيات القرآن التي جرى ذكرها. وقيل: إشارة إلى الكتاب المحكم الذي هو محزون مكتوب عند الله، ومنه نسخ كل كتاب كما قال: * (بل هو قرءان مجيد * فى لوح محفوظ) * وقال: * (وإنه فى أم الكتاب) * وقيل: إشارة إلى الرائ وأخواتها من حروف المعجم، أي تلك الحروف المفتتح بها السور وإن قربت ألفاظها فمعانيها بعيدة المنال. وهي آيات الكتاب أي الكتاب بها يتلى، وألفاظه إليها ترجع ذكره ابن الأنباري. وقيل: استعمل تلك بمعنى هذه، والمشار إليه حاضر قريب قاله ابن عباس، واختاره أبو عبيدة. فقيل: آيات القرآن. وقيل: آيات السور التي تقدم ذكرها في قوله: * (وإذا ما أنزلت سورة) * وقيل: المشار إليه هو الراء، فإنها كنوز القرآن، وبها العلوم التي استأثر الله بها. وقيل: إشارة إلى ما تضمنته السورة من الآيات والكتاب السورة.
والحكيم: الحاكم، أو ذو الحكمة لاشتماله عليها. وتعلقه بها، أو المحكم، أو المحكوم به، أو المحكم أقوال. والهمزة في أكان للاستفهام على سبيل الإنكار لوقوع العجب من الإيحاء إلى بشر منهم بالإنذار والتبشير، أي: لا عجب في ذلك فهي عادة الله في الأمم السالفة، أوحي إلى رسلهم الكتب بالتبشير والإنذار على أيدي من اصطفاه منهم. واسم كان إن أوحينا، وعجبا الخبر، وللناس فقيل: هو في موضع الحال من عجبا لأنه لو تأخر إذا كان بمعنى المفعول جاز تقدم معموله عليه كاسم المفعول. وقيل: هو تبيين أي أعنى للناس. وقيل: يتعلق بكان وإن كانت ناقصة، وهذا لا يتم إلا إذا قدرت دالة على الحدث فإنها إن تمحضت للدلالة على الزمان لم يصح تعلق بها. وقرأ عبد الله: عجب، فقيل: عجب اسم كان، وأن أوحينا هو الخبر، فيكون نظير: يكون مزاجها عسل وماء، وهذا محمول على الشذوذ، وهذا تخريج الزمخشري وابن عطية. وقيل: كان تامة، وعجب فاعل بها، والمعنى: أحدث للناس عجب لأن أوحينا، وهذا التوجيه حسن. ومعنى للناس عجبا: أنهم جعلوه لهم أعجوبة يتعجبون منها، ونصبوه علما لم يوجهون نحوه استهزاءهم وإنكارهم. وقرأ رؤبة: إلى رجل بسكون الجيم وهي لغة تميمية يسكنون فعلا نحو سبع وعضد في سبع وعضد. ولما كان الإنذار عاما كان متعلقه وهو الناس عاما، والبشارة خاصة، فكان متعلقها خاصا وهو الذين آمنوا. وأن أنذر: أن تفسيرية أو مصدرية مخففة من الثقيلة، وأصله أنه أنذر الناس على معنى أن الشأن قولنا أنذر الناس، قالهما الزمخشري: ويجوز أن تكون أن المصدرية الثنائية الوضع، لا المخففة من الثقيلة لأنها توصل بالماضي والمضارع والأمر، فوصلت هنا بالأمر، وينسبك منها معه مصدر تقديره: بإنذار
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»