تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٥١٨
* على مكثريهم رزق من يعتريهم * وعند المقلين السماحة والبذل * وقرأ الأعمش وابن وثاب وحمزة ولايتهم بالكسر وباقي السبعة والجمهور بالفتح وهما لغتان قاله الأخفش، ولحن الأصمعي الأخفش في قراءته بالكسر وأخطأ في ذلك لأنها قراءة متواترة، وقال أبو عبيدة بالكسر من ولاية السلطان وبالفتح من المولى يقال مولى بين الولاية بفتح الواو، وقال الزجاج بالفتح من النصرة والنسب وبالكسر بمنزلة الإمارة قال: ويجوز الكسر لأن في تولي بعض القوم بعضا جنسا من الصناعة والعمل وكل ما كان من جنس الصناعة مكسور مثل القصارة والخياطة وتبع الزمخشري الزجاج فقال: وقرئ من ولايتهم بالفتح والكسر أي من توليهم في الميراث ووجه الكسر أن تولي بعضهم بعضا شبه بالعمل والصناعة كأنه بتوليه صاحبه يزاول أمرا ويباشر عملا، وقال أبو عبيد والذي عندنا الأخذ بالفتح في هذين الحرفين نعني هنا، وفي الكهف لأن معناهما من الموالاة لأنها في الدين، وقال الفراء: يريد من مواريثهم فكسر الواو وأجب إلي من فتحها لأنها إنما تفتح إذا كانت نصرة وكان الكسائي يذهب بفتحها إلى النصرة وقد ذكر الفتح والكسر في المعنيين جميعا، وقرأ السلمي والأعرج بما يعملون بالياء على الغيبة.
2 (* (والذين كفروا بعضهم أوليآء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة فى الا رض وفساد كبير) *)) 2 * (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) * وقرأت فرقة أولى ببعض. قال ابن عطية: هذا الجمع الموارثة والمعاونة والنصرة، وقال الزمخشري ظاهره إثبات الموالاة بينهم كقوله في المسلمين ومعناه نهي المسلمين عن الموالاة الذين كفروا وموارثيهم وإيجاب مساعدتهم ومصادقتهم وإن كانوا أقارب وإن يتركوا يتوارثون بعضهم بعضا. وقال غيره: لما ذكر أقسام المؤمنين الثلاثة وأنهم أولياء ينصر بعضهم بعضا ويرث بعضهم بعضا بين أن فريق الكفار كذلك إذ كانوا قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم) ينادي أهل الكتاب منهم قريشا ويتربصون بهم الدوائر فصاروا بعد بعثه يوالي بعضهم بعضا وإلبا واحدا على الرسول صونا على رئاساتهم وتحزبا على المؤمنين.
* (أن لا * تفعلوه تكن فتنة فى الارض وفساد كبير) *. الضمير المنصوب في تفعلوه عائد على الميثاق أي على حفظه أو على النصر أو على الإرث أو على مجموع ما تقدم أقوال أربعة، وقال الزمخشري: أي إن لا تفعلوا ما أمرتكم به من تواصل المسلمين وتولي بعضهم بعضا حتى في التوارث تفضيلا لنسبة الإسلام على نسبة القرابة ولم تقطعوا العلائق بينكم وبين الكفار ولم تجعلوا قرابتهم كلا قرابة تحصل فتنة في الأرض ومفسدة عظيمة لأن المسلمين ما لم يصيروا يدا واحدة على الشرك كان الشرك ظاهرا والفساد زائدا، وقال ابن عطية: والفتنة المحنة بالحرب وما انجر معها من الغارات والجلاء والأسر والفساد الكبير ظهور الشرك، وقال البغوي: الفتنة في الأرض قوة الكفر والفساد الكبير ضعف الإسلام، وقرأ أبو موسى الحجازي عن الكسائي: كثير بالثاء المثلثة وروي أن الرسول صلى الله عليه وسلم) فرأ وفساد عريض.
(* (والذين ءامنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين ءاووا ونصروا أولائك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم) *)) ) * * (والذين ءامنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين ءاووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم) *. هذه الآية فيها تعظيم المهاجرين والأنصار وهي مختصرة إذ حذف منها بأموالهم وأنفسهم وليست تكرارا لأن السابقة تضمنت ولاية بعضهم بعضا وتقسيم المؤمنين إلى الأقسام الثلاثة وبيان حكمهم في ولايتهم ونصرهم وهذه تضمنت الثناء والتشريف والاختصاص وما آل إليه حالهم من المغفرة والرزق الكريم وتقدم تفسير أواخر نظيرة هذه الآية في أوائل هذه السورة.
2 (* (والذين ءامنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولائك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شىء عليم) *)) 2 * (والذين ءامنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم) *. يعني الذين لحقوا بالهجرة من سبق إليها
(٥١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 » »»